السبت، 5 نوفمبر 2011

تحذير النبي ص لقريش والصحابة أن يطغوا بعده


وَيْلٌ لِطُغَاةِ العَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدْ اقْتَرَبْ
تحذير النبي ص لقريش والصحابة أن يطغوا بعده
23/11/2009
سبب التحذير النبوي أن قريشاً لها موقع القيادة في العرب،فعامة قبائل العرب تَبَعٌ لها،والخطر الذي يخشاه النبي (صلى الله عليه وآله) على أهل بيته إنما هو من قريش وحدها،والتحريف الذي يخشاه على الإسلام،والظلم الذي يخشاه على المسلمين،إنما هو من قريش وحدها! لذا قال لهم (صلى الله عليه وآله): يا معشر قريش لاتجيؤوا بالدنيا تحملونها على رقابكم،وتجئ الناس بالآخرة،فإني لا أغني عنكم من الله شيئاً ...
وهذا نفس تحذيره (صلى الله عليه وآله) للصحابة من الصراع على السلطة،وقد رواه الجميع كقوله (صلى الله عليه وآله): ويحكم أو ويلكم لاترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض ...(ابن ماجة : 2/1300). وقوله (صلى الله عليه وآله): لاترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض بالسيف على الدنيا فإن فعلتم ذلك وَلَتَفْعَلُنَّ ... (تفسير القمي: 1/1717).
فقد أخبرهم (صلى الله عليه وآله) أنهم سيفعلون! واستعمل بلاغته (صلى الله عليه وآله) وكل موجبات الخوف والحذر،ليقيم عليهم الحجة فلايقولون يوم القيامة: لماذا لم تحذرنا؟!
فالذين حذرهم ليسوا إلا صحابته فقط لاغير! لا اليهود،ولا الروم،ولا القبائل العربية،ولا زعماء قريش بدون شركائهم من الصحابة!
ذلك أن الخوف من الإقتتال بعده ليس من القبائل التي خضعت للإسلام طوعاً أو كرهاً،فهي مهما كانت كبيرة وموحدة مثل هوازن وغطفان .. لا تطمح إلى قيادة هذه الدولة،وإن طمحت فلا حظَّ لها في النجاح إلا بواسطة الصحابة!
واليهود انكسروا وأجلى النبي (صلى الله عليه وآله) قسماً منهم من الجزيرة،ولم تبق لهم قوة عسكرية تذكر،ومكائدهم لا حظَّ لها في النجاح إلا بواسطة الصحابة الذين تعاهدوا معهم سراً! سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأمر وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ! (محمّد : 26).
وزعماء قريش،مع أنهم يملكون نحو ثلاثة آلاف مقاتل،لكنهم لا طريق لهم الى قيادة الدولة إلا بالصحابة القرشيين! فلا يستطيعون أن يدَّعوا حقاً في قيادة دولة النبي (صلى الله عليه وآله) التي كانوا أعداؤها! لهذا كان تحذيره (صلى الله عليه وآله) من الصراع على السلطة بعده،محصوراً بهؤلاء الصحابة المهاجرين،ثم بالأنصار فقط!
    لكنك تقرأ في مصادر السلطة عشرات الأحاديث في مدح قريش،وأن القيادة يجب أن تكون لهم دون غيرهم! ولا ترى من أحاديث تحذيره لهم إلا ما أفلت من الرقابة.
فقد حرفوها وجعلوها تحذيراً لبني هاشم بأن لا يطمعوا في الدنيا،لأنه لا يغني عنهم من الله شيئاً! (صحيح بخاري : 6/17).
أو جعلوها تحذيراً لفاطمة (عليها السلام) بأنها لو سرقت لقطع يدها! (صحيح بخاري : 4/151 و 5/97 و 8/16). وتحذيراً لبني عبد المطلب بنحو هذا!
ومما أفلت وكان حجة دامغة وما زال،تحذير النبي (صلى الله عليه وآله) لصحابته في حجة الوداع،وهو تحذير رسمه ببلاغته النبوية لوحةً خالدة لا تنقصها إلا الأسماء،وقد بينت المصير الجهنمي الذي يمشي إليه هؤلاء الصحابة الضالون!
فقد رسم النبي (صلى الله عليه وآله) مجيئهم الى حوض الكوثر يوم المحشر،فيأتي النداء الإلهي بمنعه من الشفاعة لهم،ومنعهم من ورود الحوض،ويؤمر بهم إلى جهنم!!
إنها صورة رهيبة نزل بها جبرئيل الأمين (عليه السلام) ليبلغها النبي (صلى الله عليه وآله) إلى الأمة في حجة الوداع! تجسد الكارثة على صحابته،جزاءً لهم على الكارثة التي سينزلونها في أمته بعده! ولا ينجو من هؤلاء المجرمين إلا مثل (هَمَل النَّعم) كما في رواية بخاري،أي الغنم المنفردة عن القطيع! ومعناه أن قطيع الصحابة في النار ولا يفلت منهم إلا قلة! وقد ذكر أنهم زمرتان لأنهم خطان!
وهذه حقيقةٌ مذهلةٌ،صعبة التصديق على المسلم السني المسكين،الذي رباه أبواه على حب كل الصحابة،وخير القرون،والجيل الفريد،وحديث أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم .. وزرعوا في ذهنه من صغره الصور المثالية لزيد وعمرو،فإذا به يفاجأ بصورة مخيفة عنهم!
ولو كان المتكلم غير رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما تردد في الحكم عليه بأنه عدو الإسلام يريد أن يكيد له بالطعن في صحابة رسول الإسلام (صلى الله عليه وآله)!
ولو كان الراوي غير البخاري لما تردد في تضعيف حديثه واتهامه!
لكن المتحدث الرسول (صلى الله عليه وآله) نفسه،وكلامه وحيٌ وليس رأياً رآه حتى يقول إنه بشر يغضب ويتكلم كما قالت قريش،بل وحيٌ عن حدث سيحدث لامحالة!
وراويه هو البخاري الذي أعطوا كتابه درجة العصمة،من الجلد الى الجلد!
إنها جرعةٌ مذهلة للسني المسكين،لا يكاد يتحمل مرارتها!
لأنه تعلم أن الحقيقة دائماً حلوة،والحق دائماً مفصلٌ على مزاجه؟!
وتسأل: لماذا اختار الله تعالى هذا الأسلوب في التحذير،ولم يهلك أولئك الصحابة المجرمين أو يأمر رسوله (صلى الله عليه وآله) بقتلهم،أو يكشفهم للمسلمين ليحذروهم؟!
    والجواب: هذه سياسة الله سبحانه وتعالى وقوانينه في إقامة الحجة على عباده،فهو يمتحنهم بتيسير الهدى والضلال ويترك لهم الحرية: لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ .. وقال: وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِى اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا . وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِىٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا.
وتسأل: لماذا لم يهرعوا إلى الرسول (صلى الله عليه وآله) ليحدد لهم الطريق أكثر ، عندما أخبرهم بهذه القارعة التي ستحل بأمته على أيدي صحابته ، ويعين لهم من يتبعونه بعده ، حتى لايضلهم هؤلاء الصحابة الخطرون؟!
والجواب: أنه عيَّنَ لهم الثقليْن بعده: كتابَ الله وعترته،وبشرهم باثني عشر إماماً ربانياً (عليهم السلام)،وحدد عترته وأهل بيته مراراً قبل حجة الوداع وبعدها بأسمائهم: علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)،وأدار عليهم كساء يمانياً. فجعل أهل بيته مصطلحاً إسلامياً،وأخرجهم عن المعنى اللغوي!
ولم يكتف بذلك حتى أوقف المسلمين في الجحفة،وأخذ بيد علي (عليه السلام) وأعلنه إماماً بعده،وجعل له الولاية على أمته،ونصب له خيمة وأمرهم أن يسلموا عليه بإمرة المؤمنين،ويباركوا له ولايته عليهم،فهنؤوه وباركوا له وبخبخوا له،وأمر نساءه أن يهنئنه فجئن إلى باب خيمته وهنأنه وباركن له!
ثم أراد (صلى الله عليه وآله) في مرض وفاته أن يؤكد الحجة بوثيقة مكتوبة،فطلب منهم أن يأتوه بدواة وقرطاس،ليكتب لهم كتاباً لن يضلوا بعده أبداً...
ولكنهم رفضوا ذلك بشدة،ورفعوا في وجهه القرآن فقالوا له: حسبنا كتاب الله! أيها الرسول لا نريد أن تكتب لنا أطيعوا بعدي علياً،ثم أولاد ابنتي فاطمة حسناً ثم حسيناً،ثم تسعة من ذرية الحسين!
وغضبوا ولغطوا وصاحوا بالحاضرين: لا تقربوا له دواة ولا قرطاساً!
فغضب النبي (صلى الله عليه وآله) وطردهم وقال لهم: قوموا عني فما أنا فيه خير مما تدعونني اليه! إنكم تدعوني لأن أصرَّ عليكم،فتعلنوا الردة!
فماذا تريد من نبيك (صلى الله عليه وآله) أن يفعل أكثر من هذا؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق