رأي مصري في أحداث البحرين
7 أبريل 2011
أنا أعلم كل هذا،و مع ذلك فإنني لا أؤمن بصحة ... المقولات السابقة المتعلقة بالعالم الواحد و القرية الصغيرة إلى آخر هذا الهراء الكاذب ... و إلا فقل لي:
هل علمت وسط كل هذه الأنباء أن عدواناً مسلحاً غاشماً قد قامت به المملكة العربية السعودية ضد شعب البحرين الآمن المسالم؟.
هل نمى إلى علمك أن الجيش السعودي قد أقدم على غزو الجزيرة الصغيرة و ارتكب من المجازر بحق شعبها ما يشيب لهوله الغراب؟.
هل علمت أن الأشاوس السعودين قد روعوا الآمنين و دهموا المنازل و قتلوا الأطفال و هم نيام في أسرتهم أمام عائلاتهم؟.
هل نقلت لك قنوات التليفزيون صور جيش الإحتلال السعودي و هو يهدم البيوت على رؤوس ساكنيها بالضبط كما يفعل الجيش الإسرائيلي في فلسطين المحتلة؟.
هل نقلت وكالات الأنباء صور الجنود السعوديين و هم يحتلون مستشفى السلمانية و يضربون الأطباء بكعوب البنادق و يطردون الممرضات و يمنعون المصابين من الوصول للمستشفى حتى لا يعرف العالم حجم الجريمة؟.
يا سادة .. إن ما حدث في البحرين هو جريمة القرن الواحد و العشرين بامتياز،و لا أعتقد أن بقية القرن سوف تشهد جريمة إبادة مماثلة يتواطأ عليها العالم كما يحدث الآن بالنسبة للجريمة السعودية في البحرين.
فجأة تبخرت كاميرات التليفزيون و اختفى مراسلوا السى إن إن و البي بي سي و طبعاً العربية،و هي القنوات التي كانت تتابع دبة النملة في باقي البلاد العربية و تنقلها نقلاً مباشر.
حتي قناة الجزيرة التي اعتبرها العرب صديقة الثورات حملت عصاها هي الأخرى و أدارت ظهرها لما يحدث في البحرين و رحلت عندما وجدت أن العدوان يخص آل سعود و ما دامت المذابح التي ترتكب بحق السكان تحمل الختم السعودي المقدس!.
نجحت المملكة العربية السعودية في إخراس العالم كله وجعلت منه شريكاً في الجريمة. بل إنها ما اكتفت بهذا و لكن راحت الأبواق الإعلامية التي تقتات على المال السعودي تردد المزاعم التي اخترعوها في الرياض لتبرير العدوان و الإحتلال عندما وصفوا المتظاهرين السلميين البحرينيين من سنة و شيعة بأنهم عملاء لجهات خارجية!. و قد عملت هذه الأبواق على نسبة الأحداث للشيعة فقط و ذلك ليسهل شيطنتهم و إقحام إيران في الأمر،و هو الأمر الذي يكذبه القبض على ابراهيم الشريف رئيس جمعية وعد و هو سني و ليس شيعي،فضلاً عن أن نسبة التظاهر السلمي و المطالبة بالحقوق للشيعة فقط تسحب عن سنة البحرين الوطنية و الكرامة و هو الأمر الكاذب جملة و تفصيلاً،فهم جميعاً لا ينفصلون عن الكتلة العربية التي تحركت طلباً للعدل و الحرية.
حجة مقيتة سخيفة مارسها بن علي و مبارك و القذافي و علي صالح و الأسد. كلهم اتهموا آخرين بإدارة مؤامرة!. لم يعترف أحد منهم بأن هناك شعب له مطالب يتعين مناقشتها. و الأغرب في حالة البحرين أن هذا الشعب ذا المطالب هو شعب دولة أخرى و ليس الشعب السعودي،فكيف سمحت المملكة لنفسها أن تقتحم حدود دولة آمنة،و كيف بلغت الجرأة بجنودها و هم يعتلون ظهور الدبابات أن يلوحوا بأيديهم بعلامات النصر في أحد المشاهد القليلة التي تناولتها القنوات التليفزيونية قبل أن تغيب في الجب السحيق.
أي نصر هذا الذي يلوح به النشامى من جيش الإحتلال السعودي؟.
هل هو النصر على الأطفال و النساء؟. هل هو بسالة القوات في إطلاق الرصاص على الشباب الأعزل؟. هل هو الإنتصار على وسائل الإعلام و حملها بالترهيب و الترغيب على ابتلاع الحذاء و الصمت على أفاعيل جيش الإحتلال السعودي.
قد يسأل البعض: و من أين عرفت بكل هذا ما دامت قنوات التليفزيون لا تذيعه و الصحف لا تنقله؟.
و الإجابة هي أنه بفضل اختراع الكاميرات الصغيرة و كاميرات الموبايلات أمكن للشباب البحريني ان يقوموا بتوثيق كل ما حدث لهم بالصوت و الصورة و أرسلوه إلى كل المواقع على الإنترنت،كما أرسلوه إلى قنوات التليفزيون. و من المواقع و القنوات القليلة التي رضيت أن تتحدى النفوذ السعودي و تبث الصور و الأخبار عرفت حجم الجريمة التي يجهلها العالم الذي يزعمون أنه قد أصبح قرية صغيرة!.
إن ما يثير الأسى و الحنق في الأمر أن الإحتلال السعودي لمملكة البحرين لا يفترق على الإطلاق عن الإحتلال العراقي للكويت عام 1990 لا في دمويته و لا في حجم الخراب الذي أحدثه في البيوت الآمنة و لا في حجم الترويع الذي أحدثه في النفوس.
و لا أدري كيف ينظر الناس باستنكار إلى ما يحدث في ليبيا من اعتداء كتائب القذافي المسلحة على الشعب الليبي،و لا يرون أن الأمر نفسه يحدث في البحرين على أيدي القوات السعودية التي جعلت الناس بعد الهجمات البربرية يترحمون علي هولاكو و جنكيزخان.
و من عجب أن نفس هذه القوات التي يزعمون أنها درع الجزيرة الذي يتحرك لصد العدوان عن الدول الخليجية لم تحرك ساكناً عندما اعتدي صدام حسين بجيشه علي الكويت .. و لا نعرف أين كانت يومئذ؟.
ليس هذا فقط .. بل إن نفس هذه القوات لم تظهر عندما اقتحم جيش صدام الحدود السعودية نفسها و دهس أراضيها و قام باحتلال منطقة الخفجي.
يومها هرع حكام المملكة إلى الأمريكان يطلبون قدومهم لحمايتهم من جيش صدام؟.
كذلك ما زال ماثل في الذاكرة الهزائم التي ألحقها الحوثيون اليمنيون بنفس هذا الجيش السعودي،و كان الحوثيون مسلحون ببنادق من القرن الثامن عشر!.
الأمر يعني بكل بساطة أن هذا الجيش السعودي الذي يتكلف تسليحه مئات المليارات و الذي لم يشارك في يوم من الأيام في أي من معارك العرب و المسلمين حتى أنه كان الجيش العربي الوحيد الذي لم يشارك معنا في حرب أكتوبر 73 و لو مشاركة رمزية!. هذا الجيش الذي لا يستطيع أن يصمد في مواجهة أي قوة مسلحة حتى بالحجارة ... استطاع فقط أن يمارس الرجولة المهدرة على شعب عربي مسالم أعزل اسمه (الشعب البحريني).
أسامة غريب - جريدة الدستور
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق