الأربعاء، 20 أبريل 2011

1000 شهيدا عراقيا يكشفون ازمة الضمير السني



شبكة اخبار النجف الاشرف
Alnajaf News

1000 شهيدا عراقيا يكشفون ازمة الضمير السني

علي آل احمد: (سبتمبر 2005) .. أعلنت الحكومة العراقية الحداد ثلاثة أيام على وفاة الملك السعودي فهد والبالغ من العمر 84 عاما،والذي كان موته متوقعا بل أنه مات باختيار عائلته بعد فصلهم أجهزة التنفس عنه. وقام كبار رجال السلطة في العراق بالسفر إلى الرياض لتقديم العزاء في ملك طاعن في السن لم يشكل موته أية مفاجأة. لكن الحكومة السعودية لم ترد التحية بمثلها،وسكتت عن مقتل ما يزيد عن 1000 عراقي بسبب عمليات إرهابية يقوم بها إرهابيون من السنة العرب وفيهم الكثير من السعوديين وغيرهم.
حكومات السنة العرب
وبينما تصدرت الصحف السعودي خبر اتصال ملك السعودية الجديد عبدالله بالرئيس الأمريكي معزيا ومواسيا في مقتل مئات الأمريكيين ضحايا إعصار (كاترينا)،كما عرض عليه المساعدة،لكن لم يصدر عن الملك السعودي والذي يصفه مؤيدوه بأنه (عروبي) و(ملك الإنسانية). هذا الملك (العروبي) أو حكومته لم تصدر تصريحا واحدا يتعاطف مع العراقيين غير برقية لا تزيد عن سطرين مما يبين موقفهم الحقيقي من الإرهاب ومن الشعب العراقي. الحكومة السعودية أدانت تفجيرات لندن ومدريد وشرم الشيخ خلال ساعات فقط من الحدث،كما وتبادر إلى التعزية بالكوارث في الدول الغربية بصورة سريعة.
ولم تشذ بقية حكومات العرب السنة عن القاعدة فلاذ أغلبها بالصمت والتجاهل،ولم تعلن سوى الكويت،والأردن وسوريا عن تضامنهم وعرضهم للمساعدات وشاركتهم في ذلك إيران الغير عربية. عالميا عبرت دول الإتحاد الأوربي والولايات المتحدة،وكوفي عنان عن تعاطفهم مع العراقيين بسبب الكارثة.
إعلام السنة العرب
إعلاميا،أتت غالبية التغطيات الخبرية في الصحف السعودية والعربية السنية عن الحدث باهتة وكأن المأساة في مكان بعيد وليس لشعب جار و(شقيق) في الدم والدين. وأتت العبارات تعكس نفسية من تلقى الخبر بشيء من الارتياح. ولم يقم أي كاتب سعودي بالتعليق على فاجعة بغداد في أحد أعمدته. لكن انفردت جريدة الوطن السعودية بعمود عن المأساة وأن كان خجولا،لكن مجرد وردوه ربما يعود إلى كون رئيس تحريرها حاليا هو الدكتور/ عثمان الصيني،وهو مواطن من أصل صيني لا زالت آثار الثقافة الصينية حاضرة لديه ولم تندثر بالسادية العروبية.
جريدة السفير اللبنانية الناطقة بلسان القوميين المتطرفين،كتب رئيس تحريرها الماركسي القومي جوزيف سماحة عن من وصفه بالشهيد الحريري،ولم تجبره مأساة مقتل 1000 عربي في يوم واحد على تأجيل مقاله عن (الشهيد الحريري)،وهو الذي مع أقرانه القومجييين لازالوا يصارخون على ضياع هوية العراق العربية. ولعل هذه هي أحد إنجازات ما تسمى بالقومية العربية،وهي حماية (الهوية العربية) مقابل قتل (الشعوب العربية).
فضائيا،تجاهلت قناة (الجزيرة) العربية السنية والمتعاطفة مع تنظيم القاعدة الإرهابي،و يسيطر عليها فلسطينيون موالون لحركة حماس،تجاهلت إعلان تنظيم أحد فصائل القاعدة الإرهابية عن مسؤوليتهم عن قصف مئات ألوف العراقيين في مدينة الكاظمية،فيما محاولة لتخفيف آثار الجريمة وكانت قناة الجزيرة وصفت مقتل أربعة من عرب إسرائيل في منطقة شفا عمرو على يد فرد إسرائيلي هارب من الحكومة الإسرائيلية على أنه مجزرة،وهذا تعبير لم تستخدمه القناة حين يكون الضحايا من الشيعة والكرد. كما لم يرد خبر مأساة بغداد في برنامج (حصاد اليوم) إلا بعد أخبار صغيرة مثل لقاء مسؤول باكستاني مع آخر إسرائيلي وأخبار هامشية أخرى. ووصفت قناة الجزيرة الضحايا بالأشخاص مما نزع عنهم صفة الإنسانية،كما وصفت المأساة بالحادث،وهذا لم ولن يحصل مع حادث يقتل فيه 5 فلسطينيين مثلا. فالجزيرة تصف غالبية الفلسطينيين بالشهداء حتى في حوادث انفجار قنابلهم بهم.
رجال الدين السنة العرب
ولم يقتصر التجاهل المشوب بالبهحة على قيادات الحكومات السنية العربية وإعلامهم بل وتعداهم إلى رجال الدين بشقيهم الحكومي والقريب من الحكومة. ورغم أن من المفترض أن يكون رجال الدين أول المسارعين لحقن الدماء والدفاع عن أرواح الناس وخصوصا المسلمين منهم،أطبق الصمت المريب على رجال الدين من السنة العرب.
فبينما قام البابا المسيحي بتقديم التعازي للشعب العراقي،سكت أقطاب رجال الدين من السنة العرب مثل يوسف القرضاوي،ومفتي السعودي عبد العزيز آل الشيخ،وشيخ الأزهر،وكذلك رجال الدين الموالون لتنظيم القاعدة من أمثال السعودي سلمان العودة وأشباههم،رغم أنهم أدانوا تفجيرات لندن ومدريد التي قامت بها حليفتهم القاعدة.
كما لم يصدر عن ما يعرف برابطة العالم الإسلامي (السنية) أي تصريح أو مبادرة تعاطف مع مأساة مسلمين وعرب،بينما لم يفتها إصدار بيانات تدين تفجيرات لندن ومدريد.
منتديات السنة العرب
وتعريجا على المنتديات السعودية الرئيسية تبادل الكتاب في موقع الساحة الشهير الشماتة والتندر على الضحايا العراقيين،ومن أبرزهم عبدالرحمن الشويعر وهو مدعي عام سابق في وزارة العدل،وهو مؤيد صريح لتنظيم القاعدة وحليفته طالبان،وكذلك كانت غالبية المعلقين السعوديين السنة. ولم ينشغل غالبية الكتاب في الساحة بالخبر المأساوي واقتصرت ردود فعلهم على البهحة أو الشماته والتجاهل.
ولم يختلف اللبراليون السعوديين عن أقرانهم السلفيين والوهابيين في موقفهم من المأساة فكتب ibraman في موقع (دار الندوة) بكل تهكم عن زيارة الشيعة لمراقد الأئمة،كما قال أن المذهب الشيعي مذهب كوميدي،وفي موضوع آخر يقول أنه لو كان شيعيا لانتحر. ولم تخرج من هذا الكاتب الليبرالي المفترض ما يبين أنه متعاطف مع الضحايا بمقدار ذرة. وعقب عليه غالبية الكتاب السنة الليبراليين في الموقع بعبارات قريبة،لم تتخللها إشارات التعاطف بل طغت عليها الشماتة والسادية.
لماذا لم ترف لهذه الحكومات والإعلاميين ورجال الدين وكتاب المنتديات عين أو أي شعور بالمسؤولية أو الخجل،وهم جيران للعراق وأخوة للعراقيين في العرق العربي المفترض والدين الإسلامي؟ السبب هو انخفاض أو انعدام الوازع الأخلاقي والذي يجبر الإنسان المتحضر على أن ينسى خلافاته مع الآخرين في لحظات المأساة وينظر إلى إنسانيتهم المجردة. موقف الليبراليون السنة عجيب جدا فهم من هاجم السلفيين المتطرفين حين فرحوا بموت آلاف البشر في كارثة تسونامي. وهاجم حينها تركي السديري الشيخ الوهابي عبد العزيز الفوزان،كما هاجمه ليبراليون من السعوديين لقوله إن موت الآلاف ممن أسماهم الكفار والمنحرفين هو عقاب إلهي لشذوذهم.
إن ردة فعل الحكومات السنية العربية ومثقفيهم على مقتل أكثر من 1000 عراقي أغلبهم من الشيعة يكشف عن مستوى الأزمة الأخلاقية التي تعصف بالعقائد الثقافية السنية العربية. إن ردة الفعل مؤشر خطير وحقيقي على سائر البشرية لأنه دليل أن الشوفينية والسادية سمة واضحة وجلية في البنية الفكرية لهذا التجمع البشري.
وعلى سوئهم لم يكن النازيون الألمان والفاشيون الإيطاليون يكرهون الجميع ويتمنون الموت لهم أو يتندرون على موت آلاف البشر. لقد أثبت نخب السنة العرب من سياسيين ومثقفين بأصنافهم الديني والقومي والليبرالي أنها عاجزة عن التخلي عن عبادة صنم العشيرة،وعن أتباع الحقيقة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق