العلم هو القوة
06/12/2010
أمريكا ستنهار كما انهار الاتحاد السوفيتي
تابعت عن بعد حوارات منتدى صحيفة (الاتحاد) السنوي الذي عقد في أبو ظبي مؤخرا،وشدني محور العلاقات العربية الأمريكية،وعنوان هذا المقال مشتق من إحدى المداخلات التي احتدم النقاش حولها بين موافق ومعترض،وراح أصحاب الرأي القائل بان أمريكا قوة لا تقهر يؤكدون بان نجمها لن يفل عن الساحة الدولية،فهي مجتمع ليبرالي ديناميكي حي،وبهذا الوصف فهي قادرة على تجديد دمائها وتطوير أهدافها بحسب الحاجة والمتغيرات،وأكد احدهم بأنه لم يتوفر لدولة في التاريخ المعاصر ما هو متوفر اليوم لأمريكا وعلى ذلك فإنها عصية على الانهيار. أما أصحاب الرأي القائل بان أمريكا اقترب أفول نجمها كقوة عظمى فقد استندوا إلى القول أن أمريكا تعيش حاليا حقبة وهن سوف تؤدي لا محالة إلى تفسخها وانحلالها وبنوا رأيهم على عدد من الظواهر،الأولى هو ما كتبه بعض المفكرين الأمريكيين من آراء في مجلة (فورن افيرز) المرموقة حول هذا الموضوع تحديدا،والثانية هي الأزمة الاقتصادية العالمية التي ألحقت أضرارا بالغة بأمريكا،وان تداعياتها سوف تؤدي عاجلا أو آجلا إلى إفلاس المؤسسات الأمريكية،الثالثة تتابع فشلها العسكري في كل معاركها الحربية من فيتنام إلى أفغانستان إلى العراق والصومال.
انه من المؤسف أن بعض مثقفينا يخلطون بين أمرين الأول حبهم اللامتناهي لأمريكا وتجربتها السياسية والاقتصادية كرها في واقعهم،الثاني ورفضهم لحركة التاريخ. إني اذهب مع القائلين أن أمريكا متربعة على هرم السياسة الدولية بعد أفول نجم الاتحاد السوفييتي في نهاية القرن الماضي وأنها القوة المهيمنة على المسرح الدولي في الوقت الراهن،لكن حتمية التاريخ تقول بان الإمبراطوريات في نشأتها تشبه نشأة الإنسان يمر بمراحل متعددة تنتهي به الحياة إلى الفناء (ابن خلدون وغيره) والإمبراطورية الأمريكية الحالية ليست مستثناة من هذه الظاهرة.
نعم؛ كثير من الناس يرفضون فكرة أفول نجم أمريكا لأنهم يضعون في حسابهم الرؤوس النووية التي تملكها أمريكا والمقدرة بعدد 5113 رأسا،والتحالفات السياسية،والتواجد العسكري في مختلف أصقاع العالم،وبطاقات الائتمان،ومسلسلات وأفلام هوليوود،ومطاعم الوجبات السريعة المنتشرة في العالم وبنطال الجينز الأزرق وغزو الفضاء. لقد غابت عنهم عوامل الانهيار التي تنخر في جسد أمريكا منها على سبيل المثال عدد البنوك التي أشهرت إفلاسها خلال هذا العام بلغت 140 بنكا وهناك بنوك أخرى في طريقها لإعلان إفلاسها في الأجل المنظور،وبلغ حجم الدين العام 10,802 تريليون دولار،وان نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الكلي سترتفع في عام 2011 بنسبة 40 إلى 70. في مجال الصناعة أعلنت اكبر شركات إنتاج السيارات (فورد) و (كرايسلر) إفلاسهما في العام الماضي وتدخلت الدولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه الأمر الذي يعلن فشل النظام الاقتصادي الحر الذي تقوده أمريكا،وغير ذلك من الصناعات،وفي مجال منتجات التكنولوجيا المتقدمة،فقد انخفض الطلب على التكنولوجيا الأمريكية طبقا لإحصاءات رسمية أمريكية تؤكد القول بان الربع الأول من عام 2006 حقق عجزا في هذا المجال بمقدار (7,2) مليار دولار عن عام 2000 الذي حقق فائضا قدر بـ (4,6). وان عجز الميزان التجاري الأمريكي تضاعف ست مرات خلال العشر سنوات الماضية إذ انه في عام 2001 كان العجز يقدر 363 مليار دولار أي 690 ألف دولار في الدقيقة،بينما العجز في عام 2006 بلغ 765 مليار دولار أي بواقع (1,000,450) في الدقيقة الواحدة. تصاعد العجز في ميزانيات التعليم،وصيانة النظام الاجتماعي،أضف إلى ذلك ارتفاع نسبة البطالة 10,2،وبلغ عدد الأميين 40 مليون إنسان لا يجيدون القراءة والكتابة،وفوق هذا تقدر أوثق الدراسات الأمريكية أن الإنفاق على المخدرات وحدها في المجتمع ما يفوق الإنتاج الإجمالي الوطني لأكثر من 80 دولة من دول العالم الثالث. أما الجريمة فحدث ولا حرج إذ تشير الدراسات المتخصصة في هذا المجال أن أمريكا لديها أعلى معدل لمرتكبي جرائم القتل،واكبر عدد من المساجين في العالم إذ بلغ عددهم 3,2 مليون إنسان أي بمعدل شخص واحد من بين كل 100 شخص من البالغين،وقد ارتفعت هذه المعدلات بواقع سبعة أضعاف الرقم عن عام 1980م.
آخر القول: نحن لا نقول أن أمريكا في عام 2020 ستنهار وأنها ستكون من بين الدول الضعيفة لكننا نؤكد بان النظام الأمريكي السياسي والاقتصادي والإنساني يحمل في طياته بذور فنائه،وان سنن الكون تؤكد شيخوخة الدول ثم فناءها،وأمريكا ليست استثناء.
د. محمد صالح المسفر ، 22/11/2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق