الجمعة، 1 أكتوبر 2010

التفكير النقدي كمنهج انساني


18/03/2010
التفكير النقدي كمنهج انساني
بالحياة يجب ان تكون لدينا قيم فكريه نقيم بها الأمور ؛ نتخذ قرارتنا و نتصرف على اساسها. تلك القيم لا تعني بالضروره تقييد انفسنا بالاطر الفكريه الموجوده كالأيدولوجيات السياسيه ؛ المبادئ الأخلاقيه أو العقائد الروحانيه وغيرها. لذلك سأركز اليوم على قيمه فكريه ايجابيه بغاية الأهميه تدعى Critical thinking ترجمتها بالعربيه (التفكير النقدي).
التفكير النقدي هو تفكير مخرجاته تعتمد على تقييم المعطيات من خلال معايير فكريه عقلانيه مثل المنطق ؛ المصداقيه ؛ الدقه ؛ الوضوح ؛ الترابط وغيرها من المعايير التي تجعل الإستدلال مقنعا الى ان يتحول الى حقيقه وواقع يتفق عليه.
التفكير النقدي هو من اهم اسباب التطور الإنساني الذي نعيشه اليوم فلولاه لما كانت هناك منظومات اكاديميه لمجالات العلوم والمعرفه البشريه المختلفه. فالعالم ؛ السياسي ؛ الفنان وغيرها من المهن والإختصاصات الإنسانيه تعتمد اعتمادا كليا على منهج التفكير النقدي.
قرأت مره أن التفكير النقدي قد يكون خطيرا على المستوى الشخصي خصوصا بالنظم التسلطيه سياسيا أو المجتمعات المتمسكه بالعادات والتقاليد. هذا الكلام صحيح فعلا لأني ان كنت سأفكر بشكل نقدي بمجتمعي ساطرح العديد من الأسئله مثل:
- ماهي فائدة رجال الدين وكيف الدوله والمجتمع يعطي هؤلاء قيمه ماديه ومعنويه لا يستحقونها؟ فهم بالنهايه ليسوا سوى ناقلين ومرددين لتعاليم دينيه معظمها غير متناسب مع عصرنا هذا بل المضحك ان معظم من يؤيدهم سواء كانت السلطه السياسيه او المجتمع تجده اول المخالفين لتعاليمهم ومطالبهم الرجعيه.
- الذين يصنفون انفسهم اصايل والآخرين بياسر ماهي الإنجازات التي قدمتها اصولهم للبشريه؟ لوما ظهور النفط وتحول هؤلاء الى أثرياء هل كنا سنسمع اسطوانة الحسب والنسب والمفاخره؟. مع كامل احترامي لكل العوائل والطوائف من جميع الاصول والاعراق إلا ان العنصريه قبيحه مهما كان لونها او شكلها.
- لماذا بمجتمعي يحشر الناس أنفسهم بمستوى معيشي فلكي ثم يتابكون ويدعون الفقر وعدم وجود الأمن الإجتماعي وغيرها من الإدعاءات التي سببها دوافعهم الأنانيه كالإسراف وحب المظاهر؟.
هناك العديد من الأسئله التي يطرحها التفكير النقدي علينا ويطالبنا بالإجابه عليها لكن بمجتمعاتنا الخاليه من الحياد يصبح طرح هذه الأسئله جريمه فما بالكم بالأجابه عليها.
يوجد سؤال مهم يطرح نفسه هنا هل أصحاب التفكير النقدي متحيزون لقيمهم ومعاييرهم؟ الجواب على ذلك (نعم) كلنا سواء كنا نقديون أم لا متحيزون لقيمنا ومعايرنا وذلك ليس عيبا فنحن بشر لسنا كاملين وكلنا خطاؤون. أهل التفكير النقدي يدركون قصورهم البشري لذلك هم يعتمدون على اداة فكريه مهمه جدا بمنهجهم وهي الجدليه المنطقيه logical argument.
الجدليه المنطقيه هي جدليه تبدأ بمعطيات صحيحه وتنتهي بمخرجات قائمه على تبعيات منطقيه لتلك المعطيات. مثال بسيط كي لا نغرق ببحر المصطلحات:
- احمد ليبرالي
- أحمد يطالب بالخمور واللهو الليلي.
اذن كل الليبراليين يطالبون بها.
الإستنتاج هنا هو تعميم سطحي والسبب أن التفكير النقدي الإستدلالي لم يستخدم بتحليل المعطيات بالتالي اختفت كل التبعيات المنطقيه وانتيهنا بمغالطه خرقاء كهذه. لو اعتمدنا على التفكير النقدي سنضطر الى تحليل كل المعطيات بالتالي سنسأل انفسنا العديد من الاسئله مثل:
- من هو احمد هل هو عضو او قيادي بحزب ليبرالي او مفكر او كاتب كي ناخذ برأيه كممثل عن الليبراليه والليبراليين؟.
- لماذا نحن ضد الخمور واللهو الليلي؟ هل بسبب الدين؟ خوفنا من المشاكل الإجتماعيه التي ممكن حدوثها بحال سمحنا بها؟ كم دوله بالعالم لا تسمح بذلك وهل السماح هو القاعده ونحن الإستثناء؟ ان كنا استثناءا هل نمتلك تشريعا يدعم استثائنا؟ بحالة وجود ذلك التشريع هل له دوافع منطقيه أم فقط دينيه؟.
- ماهي الليبراليه التي يدعيها أحمد؟ هل لها موقف واضح من هذه الامور؟ ان ساندت الليبراليه وجهة نظر احمد هل هذا يعني اننا تلقائيا غير ليبراليين؟ هل نكفر باللليبراليه ككل بسبب قضيه كهذه؟.
كما تلاحظون اعزائي القراء جدليه بسيطه كهذه كفيله بإغراقنا ببحر من الأسئله وهنا روعة التفكير النقدي القادر على انهاء هذه الجدليه وتحويلها الى استنتاج منطقي يصبح بدوره حقيقه واقعيه. ماهي وجهة النظر الدينيه بهذا الموضوع؟ الدين سيلغي كل الأسئله والاجوبه ويكتفي بتصنيف حلال/حرام وعلى أساسه يفرض أهله نفوذهم ومعاييرهم بكل مجال وشأن خصوصا بالأمور التي لا علاقة لها بالدين.
لذلك مجتمعاتنا هي مجتمعات لا تفكر ليس لأن أفرادها غير مؤهلين فكريا لذلك بل لأنها مجتمعات قائمه على القيم الفكريه السلبيه كالمغالطات ؛ التحيز الإعتقادي ، التهويل الفكري وغيرها من القيم الفكريه الهدامه التي تعتبر تربه خصبه للتيارات الأصوليه كي تزرع رجعيتها وتخلفها.
ان الإصلاح الإنساني الذي نبتغيه لن تحققه الليبراليه وحدها فهي الليبراليه ليست سوى احدى نتائج القيم الفكريه الإيجابيه كـ التفكير النقدي والجدليه المنطقيه. لذلك قبل ان نعتمد على الشعارات والادبيات كوسائل لنشر افكارنا وقناعاتنا على الناس لنحاول أن نؤثر عليهم فكريا ونحثهم على التفكير ؛ النقد والإختلاف إلى ان ياتي اليوم ويتغيروا فكريا بإختيارهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق