18/05/2010
لماذا نحن متخلفين ولن نتطور
من أبرز التهم التي تطال العلمانيه والتنوير هي تهمة معاداة الدين والأعراف. رد بسيط على هذا الإدعاء وهو أن هذه المناهج الفكريه لا تعادي بل تستخدم الفكر النقدي المقارن كي تتوصل الى نتائج أفضل من الموجوده حاليا وطالما أن الموجود حاليا مسؤول عنه بالدرجه الأولى الدين والعرف لذلك شيء طبيعي أن يتعرضا لنقد سواء كان بصوره سلميه أو معاديه. الدين والتدين من ناحيه اعتقاديه هم حقوق مشروعه ومكفوله لكن من ناحيه أيدولوجيه هم مناهج رجعيه تنشر الكراهيه بين أفراد المجتمع. الرجعيه الدينيه من أهم أسباب التخلف والتأخر بالعالم العربي لأنها أسهل طريق لتحقيق المكاسب الشخصيه سواء كانت ماديه ؛ اجتماعيه أو سياسيه. لكن هل وحدها الرجعيه الدينيه المسؤوله عن تخلفنا؟ بالطبع لا لدينا أيضا عوامل سياسيه أهمها عدم وجود ديموقراطيه فعليه ولا أرضيه فكريه تناسب ممارستها. بالإضافه الى الرجعيه الدينيه والعوامل السياسيه لدينا عامل مهم وهو أيدولوجيتنا الإجتماعيه الحاليه التي ليست سوى تحنيط لفكر اجتماعي قد انقرض وولى زمنه.
من يدعي التنوير عليه قدر الإمكان والمقدره التعامل مع كل شيء في حياته بنقديه محايده غير مقيده بتطرف أو تحيز عاطفي لفكره ؛ معتقد أو رأي. هذا الإلتزام صعب جدا بمجتمعاتنا التي تحرص أشد الحرص على تقييد عقول أفرادها. بموضوعي السابق عن الديموغاجيه انتقدت مبدأ تبجيل وتقديس الأفراد وقبل أن ينشف حبر كلماتي هناك رأيت مره أخرى نفس التقديس والتبجيل يتكرر اليوم وسيتكرر غدا. بالكويت عندما يتوفى أي شخص غني أو من عائله معروفه هيأت له ظروفه الماديه والإجتماعيه أن يتقلد مناصب سياسيه يتحول الرأي العام اليه مادحا بكل تملق مناقبه معتبرها انجازات وفي الواقع هذا الشخص لا يملك انجازات تستحق الذكر لكن أيدولوجيتنا الإجتماعيه تغيب عقولنا وتصور لنا عظمة هذا الإنسان. (ملاحظه لا أقصد أحدا تحديدا وأي شخص يتوفى لا نملك سوى الترحم عليه وذكر محاسنه لكن مبدأ تقديس وتبجيل انسان لم ينجز انجازا عظيما له أصداء اليوم ولم يقدم شيئا ملموسا بناءا على مقاييس اجتماعيه باليه كالأصل والثراء مرفوض جمله وتفصيلا).
قلتها من قبل ان هوس شعوبنا بالسياسه والجاه قد أفقدتها القدره على التميز بمجالات الحياة الأخرى والأسوأ من ذلك طمس وتهميش المتميزين والمبدعين بتلك المجالات. في عالمنا المدني الحديث اليوم لا مكان للتبجيل والتقديس الإجتماعي كل البشر سواسيه أمام القانون. قد لا يحصل كل مبدع أو متميز على فرصته لكن المجتمعات هناك ستطالب بالإنجازات ولن ترحم الإخفاقات. الدول المتقدمه تفتخر بعلمائها وعباقرتها وليس بوزرائها أو نوابها. تعاني العقول هنا من الظلم والطغيان فهي بين مطرقة الدين الذي يحول أي نكره بلا صنعه أو موهبه الى شيخ جليل وسندان المجتمع الذي ينصب أصحاب الجاه والمال أصناما بشريه علينا مطالبين بتقديسها وتبجيلها. قدرتنا على تقييم الإنجاز بنقديه محايده هي مفتاح الخروج من سجن التخلف والتأخر.
ما الفائده من الليبراليه او العلمانيه ان كانت عقولنا متطرفه تقيم البشر بناء على مقاييس اجتماعيه عنصريه؟ كيف نطالب بالتقدم والتطور وبنفس الوقت نلغي ونهمش العقول والكفاءات القادره على تحقيقه؟ أموالنا وثرواتنا مفترض فيها خلق التطور وليس الإكتفاء بإستيراده. لذلك سيظل التنوير رافضا للظلاميه سواء كانت دينيه أو اجتماعيه. أصحاب العقليه العشائريه العربيه سواء كانوا متدينين أم لا هم أصحاب أيدولوجيه اجتماعيه قائمه على أساس طبقي واجتماعي. هذه الأيدولجيه ليست سوى انقلاب على المدنيه الحديثه لذلك سنظل متخلفين ولن نتطور. لن تنفعنا ثرواتنا ولا ليبراليتنا إلا ان حررنا عقولنا من الأغلال الفكريه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق