09/05/2010
الخطاب الديموغاجي العربي وأدواته
الديموغاجيه لمن لا يعرفها هي بكل بساطه استغلال كل ماهو مناسب اجتماعيا سواء كان مشاعر ؛ قيم ؛ عادات وتقاليد ؛ دين وغيرها بسبيل الوصول الى النجاح السياسي. بمعنى آخر أن الديموغاجيه هي الطريق الذي يتبعه فاقدي الإحترافيه السياسيه الذين لا يملكون رؤيه سياسيه منهجيه ومبادئ أيدولوجيه صريحه تحدد هوية فكرهم السياسي وأهدافه. بالعالم العربي حيث لا توجد ديموقراطيه حقيقيه ولا جماهير سياسيه واعيه تقدر الفكر السياسي الإحترافي تصبح الديموغاجيه أفضل أيدولوجيه لكسب تأييد الشارع سياسيا. مصطلحات أو بالأصح شعارات القوميه ؛ الوطنيه والمعارضه تعتبر من اهم ادوات الخطاب الديموغاجي بالعالم العربي. اهدف في هذا الموضوع ربط الأدوات لأثبت أنه مهما اختلف الزمان ؛ المكان أو الظروف فأن الديموغاجيه ومخرجاتها ليسوا سوى عقم سياسي لن يغير الواقع الى الأفضل كما يدعي أصحابها ويبشرون سواء كان ذلك محليا او عربيا.
بأدوات الخطاب الديموغاجي هناك دوما نقاط تلاقي احدى هذه النقاط هي مبدأ خلق الخصوم فالقوميه العربيه تصور لنا أن الخصم هو الإمبرياليه والغرب. كذلك الوطنيه الكويتيه تصور لنا أن الخصم هو السلطه التنفيذيه وبعض الشيوخ. النقطه الثانيه هي حصر الطرح الفكري بأزمنه واحداث تاريخيه معينه مع تجاهل تام لحاضرنا اليوم ومستقبلنا غدا. كما لا يستطيع القومي العربي أن يقول جمله على حده دون ذكر الصراع العربي الفلسطين وحرب الـ 67 وجمال عبدالناصر. أيضا الوطني الكويتي لا يستطيع ان يقول جمله على حده دون أن يذكر رموزه الوطنيين العم فلان والعم علان وما عملوه بالماضي متصورا انها انجازات فلكيه ملزمين نحن اليوم بالإعتراف بها وتقديس أصحابها كما يفعل هو. نقطه ثالثه وهي المزايده على الخصومه رغم انها خصومه متناقضه. التيارات القوميه الحاكمه بالدول العربيه هي اكثر من يحارب شفويا ومعنويا الغرب الإمبريالي وبنفس الوقت هي اول من يسعى وراء مساعداته الماديه ودعمه لشرعية انظمتها الشموليه الديكتاتوريه. نفس الشيء ينطبق على الوطنيين بالكويت وأخص بالذكر التجار منهم كيف يدعي هؤلاء المعارضه ومعظم ان لم يكن كل قوانين وقرارات السلطه تدعم مصالحهم؟ هل يظنون أننا سذج كي نصدق أن التاجر الذي تربطه مع السلطه روابط اجتماعيه ؛ طبقيه وتجاريه سيعارض أو يصبح معارضا؟. عندما يكرر فيصل القاسم اسطوانته المشروخه الشهيره (الأنظمه العربيه التي نصبتها علينا أمريكا واسرائيل) وهو يمثل صرح اعلامي يمتلكه نظام عربي يضع نصب عينيه علاقته مع أمريكا والغرب يذكرني بمعارضي الأمس من التجار ومعارضي اليوم متخمي الريعيه الذين يريدون تطبيق القانون لضمان حقوقهم وليس للإلتزام بواجباتهم. لا المتنفع ولا المتخم يستحق صفة المعارضه الحقيقيه فالمعارض هو مكافح وهؤلاء بعيدون كل البعد عن الكفاح.
من وجهة نظري الوطنيه تعتبر أسوأ اداة من ادوات الديموغاجيه لأنها شعار هلامي بلا لون ؛ طعم أو رائحه يستغله أصحابه لتسويق قضاياهم الشخصيه وتحويلها لقضيه عامه وصراع الوطنيين مع شيوخ الرياضه هو خير مثال على ذلك.
ناتي لمبدأ المعارضه نفسه ليس مهما من نعارض أو كيف نعارض بل الأهم لماذا نعارض. لم أعاصر ماضي معارضتهم كي أقدس وأبجل كما يفعلون هم اليوم ولو كنت قد عاصرته لقيمت الطرح السياسي للمعارضين من منظور منهجي وليس عاطفي. بذلك الوقت في نهاية الثمانينات تحديدا كانت هناك قضيتين ستحددان رأيي الاولى هي الصحوه الأصوليه والدعم الحكومي لها والثانيه هي التسلط السياسي الذي نتج عنه حل مجلس الامه وتنصيب المجلس الوطني. رغم أن الحكومه كانت طرفا بالقضيتين إلا انني لم اكن ساقبل أن اركز جهدي بسبيل خدمة الحريه السياسيه فقط وترك باقي الحريات تحت رحمة الأصوليين. ما حدث بذلك الوقت كان بداية جريمة تجاهل انتهاك الحريات العامه التي نتحمل نتائجها اليوم وستتحمل اجيالنا القادمه نتائج أقسى لأن متجاهلينها اليوم هم أصحاب الصوت العالي سياسيا.
أدرك أن الفقره السابقه ستثير حفيظة العديد لكن هذا هو الواقع وهذا هو تقييمي لمنهج سياسي هش لا قواعد فكريه له تضمن استمراريته. نعيب على الإسلاميين والأصوليين تقديس المشايخ والمفتيين والعزف على نستولوجيا الماضي ونحن نعاني من نفس العله تماما. من كان ولازال مؤمنا بالحريات آن الاوان له ان يدرك أنه قد راهن على الحصان الخاسر.
نأتي الى المعارضه كما ذكرت بالأعلى معارضي التخمه والتنفيع لدينا بالكويت لا يستحقون لقب معارضين ماذا عن العالم العربي؟ الوضع السياسي في العالم العربي قد يتشابه أو يختلف عن الواقع الكويتي بسبب التباين في مستويات الحريه السياسيه والرخاء الإقتصادي بالدول العربيه. سواء كان الوضع متشابها أو مختلفا هناك حقيقه قائمه وهي قوة التيارات الأصوليه وارتباط برنامجها السياسي بفكرها الأيدولوجي. ليست المشكله بوجود تيارات وأحزاب ذات أيدولوجيات مختلفه تتنافس سياسيا بمناخ ديموقراطي جزئي أو كلي لكن المشكله أن التيارات الأصوليه الإسلاميه لا تؤمن بقواعد النظام المدني الديموقراطي وهي ان امتلكت السلطه ستعمل على احداث تغييرات راديكليه سياسيا بعيده كل البعد عن المدنيه والنظام المؤسسي وذلك أخطر بكثير من تفرد السلطه الكلي أو الجزئي بإتخاذ القرار الذي يسوقه معارضي العالم العربي على أنه هو المصيبه الأكبر وقضية الساعه.
ختاما ...
التنميه والإصلاح السياسي بالعالم العربي لن يتحققوا بتغيير الأشخاص أو الحكومات بل بتغيير فكر الشعوب وتوجيهها نحو المدنيه الصحيحه التي تحقق لشعوبها ثقافه اجتماعيه حضاريه قائمه على التعدديه والتسامح بكل المجالات الفكريه. الديموقراطيه مهمه .. نعم؛ لكن الأهم منها وجود الفكر الديموقراطي وهذا مفقود سواء هنا بالكويت أو بالعالم العربي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق