الأحد، 10 أكتوبر 2010

عفوا يا إسلاميين هي لن تصبح إسلاميه


13/09/2009
عفوا يا إسلاميين هي لن تصبح إسلاميه
كنت ولازلت أقول أن الدستور الكويتي رغم وجود العديد من المواد الداعمه للمفاهيم المدنيه كالحريات بأنواعها و احترامه هو والحكومه الكويتيه لميثاق حقوق الإنسان (طبعا هذا الإحترام على الورق وأمام الدول المتقدمه فقط أما الواقع فشيء مختلف تماما) ليس سوى وثيقه متناقضه تتمايل بين المدنيه والثيوقراطيه. لذلك أنا اختلف وبشده مع ليبرالي الكويت ومنهم عميد الليبراليين الكويتيين استاذنا الكاتب عبداللطيف الدعيج عندما يصرحون بمدنية الدوله ودعمها للحريات العامه استنادا على الدستور الكويتي لسبب بسيط وهو أن التيارات الإسلاميه تستطيع ادعاء إسلامية الدوله أيضا استنادا على الدستور الكويتي. ولعل مقالة عبداللطيف الدعيج و رد الخبير الدستوري الحدسي محمد المقاطع عليها تعتبر مثالا صارخا على التناقض الذي أتحدث عنه.
ولأنني كفرد لا أؤمن بشيء اسمه تقديس نصوص سواء كانت تلك النصوص دينيه أو دستوريه لذلك أرى ان هوية الدوله لا تعكسها تشريعاتها وقوانينها بل تعكسها عقول مواطينها وآرائهم. يدعي المقاطع وحدس أن الكويت دوله إسلاميه حسنا ان كان هذا الإدعاء صحيحا أنا اتحدى كل إسلامي أن يجد أغلبيه مؤيده لتطبيق الشريعه الإسلاميه بالكويت. فالشعب الكويتي وهنا أقصد الشعب الكويتي الملتزم بالهويه الكويتيه الأصليه و يؤمن بدرء الفتنه الطائفيه لن يقبل لا بتطبيق الحدود الشرعيه ولا بوجود هيئه للأمر بالمعروف والنهي. نعم هناك من يعانون من ازمة هويه وسيقولون نعم كردة فعل معارضه للتيار الليبرالي لكن هؤلاء المنافقين سيكونون اول الثوار عندما يصادر شرع الله حريتهم الشخصيه و يتحكم دراويش الدين بحياتهم. هؤلاء يشتمون العلمانيه والعلمانيين وقت الرخاء لكن وقت الفتن الطائفيه هم أول من يتباكى على الدوله المدنيه التي بسبب جهلهم الذي يحسبونه فكرا نجدهم مصرين على أنها ليست علمانيه.
أحيانا أجد أنه فعلا شيء غريب أن أنادي بالعلمانيه والليبراليه بهذا الزمن. فالعديد من مواطني الدول المتحضره لا يعرف ماذا تعني هذه المصطلحات ففصل الدين عن الدوله والهويه المدنيه كانت مرحله انتقاليه للحداثه المعاصره التي نعيشها اليوم.
الأفراد الغير محسوبين على التيار الإسلامي وبنفس الوقت معارضين للتيار الليبرالي قد يكون بعضهم قليل الإطلاع لكنهم ليسوا أغبياء. معظمهم يعاني من أزمة هويه فكريه فحيادهم الأعمى الذين يعتنقونه يوقعهم بتناقضات منهجيه وسلوكيه لا حصر لها. منعدمي الهويه و هلامي الفكر هم أشخاص فاقدون للثقه بالنفس لديهم مخزون كراهيه لا ينضب لكل ما هو مختلف عنهم سواء فكريا او عقائديا او اجتماعيا او سياسيا لذلك من الطبيعي أن نجد هؤلاء يحاربون بكل دناءه عقلا مفكرا كالكاتب عبداللطيف الدعيج فقط لأنه مغترب. وبالمناسبه الإسلامي محمد المقاطع الذي ادعى بمقاله أنه لن ينزل الى مستويات متدنيه بالحوار نجده قد نزل الى القاع عندما تهجم على شخص الرأي الآخر وليس الرأي نفسه مستخدما الدناءه اياها.
ليس دفاعا عن الدعيج فشاهدتي فيه مجروحه و لا احد يملك على ان يزايد على هذا الإنسان حبه لبلده واسهاماته الفكريه التي خدمت الفكر الليبرالي والوطني. منذ متى كان الولاء الوطني للشخص مرتبط بوجوده الفسيولوجي بالبلد؟ اغتراب الدعيج ببلد حر دليل على ايمانه بالفكر الليبرالي والحريات العامه وهو بذلك قد أثبت انه انسان صادق مع نفسه عكس المنافقين المغتربين الذين نجدهم بالمنتديات والمدونات لا يستطيعون حتى الكتابه باللغه العربيه عندما يطالبون بتطبيق الشريعه ويدعمون المتأسلمين بينما هم يعيشون بجنة الحريه الغربيه ويتمتعون بكامل حرياتهم بفضل النظام المدني العلماني.
التيارات الإسلاميه بالكويت تدرك تماما أنه لا النظام السياسي ولا الشعب سيرضى بتحويل الدوله الى دوله إسلاميه. فنماذج الدول الإسلاميه القريبه منا والبعيده التي تمثل البدائيه البشريه والرجعيه هي سبب أكثر من كافي لرفض العموم للنموذج الإسلامي سواء كانوا ليبراليين أم لا. النظام السياسي بالكويت قد تكون فيه كل السلبيات لكنه قطعا ليس غبيا ولن يرضى أن يصبح البلد نزيلا دائما لقائمة منتهكي حقوق الإنسان كما هو حال جيرانه الإسلاميين وهو أيضا مدرك تماما أنه ليس من مصلحته أسلمة الدوله فسيطرة القوى الدينيه خلال 30 عاما مضت قد حولت البلد الى مسخ طائفي قبلي قبيح لا مكان للثقافه والإنفتاح فيه. لذلك لم أستغرب أن الحكومه بخطتها الخمسيه تود أن تحيي الجانب الثقافي ليس حبا بالليبراليه والإنفتاح لكن رغبة بتغيير صورتنا الأصوليه القبيحه أمام العالم.
ان هوس الشعب بالهويه الدينيه قد ألغى الهويه الوطنيه لذلك أصبح مشهدا مؤلوفا ان نشاهد بالاخبار المحليه بشكل شبه يومي إعلان ندوه لشاوي غنم قادم من السعوديه مشبعا بالغلو والتطرف الصحراوي يسمونه عالم جليل. او تشييع مقتل ومأتم بمباركة خباز يرتدي العمامه قادم من ايران مشبعا بالطائفيه وأفكار حكم الملالي يلقبونه بحجة الله وآية الله ومعجزة الله. ان وجودنا بين قطبي الطائفيه بالعالم الإسلامي لم يهدم فقط هويتنا الوطنيه بل يلغي كل مفاهيم الوحده الوطنيه ودرء الطائفيه التي ينص عليها دستورنا.
أن الدستور يا من تدعون حماية الدستور لم يدعو الى التفرقه بين الناس والهويه الإسلاميه أيها الخبير الدستوري الحدسي تفرق بين الناس على أساس اعتقادي هادمة أساسات الدوله وهي حقوق الإنسان والحريه والوحده الوطنيه. فهل تظن أن الشعب الكويتي مستعد أن يستبدل هذه الأساسات بالذي كسبته انت اصوليا من نصوص دستور متناقض؟.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق