الأحد، 17 أكتوبر 2010

معضلة تنوير المجتمعات العربيه 2


23/06/2009
معضلة تنوير المجتمعات العربيه 2
نأتي الى الجزء الثاني من موضوع معضلة التنوير بالعالم العربي،وكما قلت بالجزء الأول أن هناك تصنيفات لأصحاب الفكر التنويري بالكويت وبالتأكيد يوجد مثلها بالعالم العربي خصوصا أن الفئه الثالثه التي هي من أراها المعضله والعقبه تستمد فكرها غالبا من أدبيات عربيه شرق أوسطيه.
إن اختياري لعنوان المقال كان الهدف منه تحديد الخلل بمسيرة التنوير بالعالم العربي فهؤلاء الأفراد يظنون أنهم يخدمون التنوير عندما يتمسكون بالهويه الشرقيه لكنهم بالحقيقه يعرقلونه،بعضهم يعمل ذلك دون قصد والآخر يتعمد ذلك بغرض الهدم والتخريب.
سؤالي لهؤلاء - كيف تدعون التنور والليبراليه وانتم بنفس الوقت تعتنقون أيدولوجيه عنصريه اصوليه اسمها (القوميه العربيه)؟ كل من يؤمن بالقوميه او يستمر بتشجيع الصراع العربي الإسرائيلي هو تلقائيا يؤمن بالحرب الدينيه وبذلك يختفي التباين الفكري بينه وبين الأصولي الإسلامي وهذه كارثه فكريه وجريمه بحق عملية التنوير بالعالم العربي. طبعا هؤلاء سيقولون لي أنت تغريبي وعميل للعالم الغربي أرد عليهم وأقول ان كان التغريب والعماله يعني أن أنادي بتنوير عالمي قياسي وان أنسلخ عن هويه شرقيه لم تجلب لنا سوى التخلف والرجعيه فأنا افتخر بأن أكون تغريبيا وعميلا ليس للغرب وحده بل للعالم المتحضر سواء كان شرقا أم غربا.
الهويه الشرقيه ليست فقط وحدها الأداة التي يستخدمها هؤلاء لعرقلة التنوير فمنهجهم الفكري المشوه القائم على المغالطات الفكريه الخاليه من المنطق يسبب ضررا بالغا لمسألة نشر الثقافه التنويريه. معظم هؤلاء يدعي ويصور للناس أن الليبراليه تعني احترام القانون وبس! تصحيح الليبراليه تدعو لمفهوم دولة القانون والمؤسسات لكن على أساس انساني ؛ علماني و مدني. وأي منصف يستطيع الجزم أن هذه الأساسات موجود بعضها على ورق الدساتير سواء بالكويت والعالم العربي لكنها تطبيقا وممارسه مفقوده بل ومنتهكه أيضا وان لم تكن كذلك لما طالبنا بالتنوير بكل الوسائل المتاحه لنا.
معادلة الليبراليه تساوي احترام القانون ليست سوى معادله خرقاء حمقاء سببها أننا نعيش بمجتمعات ذات انظمه سياسيه ومؤسسيه خاليه من الأحترافيه والمنهجيه وان لم نكن كذلك لما سمونا بالعالم الثالث. الريعيه بالدول الخليجيه الغنيه لا تختلف عن القمعيه والمحاباة بالدول العربيه الفقيره فكلاهما ظلم وكلاهما يضمن استمرار عدم الإحترافيه و فقدان العداله.
كما يقول المثل ليس كل ما يلمع ذهبا كذلك ليس بالضروره أن يصبح كل من يطالب بتطبيق القانون والإصلاح على أساس عادل تنموي ليبراليا تنويريا. خصوصا بالكويت حيث يدعي معظم هؤلاء حبهم وتقديسهم لما يشاؤون من مواد دستوريه لكنهم مواقفا وأفعالا يناقضون المواد الاخرى المؤيده للحريات العامه وعلى رأسها حرية الرأي ؛ الإعتقاد و الإختيار.
لا أحب ان أكون بموضع الوصي أو الناقد أو مدعي الحقيقه لكن بكل بساطه لا يمكن أن يجتمع التنوير الإنفتاحي مع الشرقيه الإنغلاقيه التي تقيم الأفراد تبعا لمقاييس متطفله تنتهك حريتهم الشخصيه والفكريه. والأفراد الذين صنفتهم بمعضلة التنوير هم اكثر من يطبق هذه المقاييس بدليل استخدامهم الشبه يومي لمصطلحات تهجميه مثل (كافر) ؛ (ديوث) و (منحل) ضد غيرهم من التنويرين.
لذلك اتوجه بالسؤال الى الأغلبيه المحايده التي تطلق على نفسها لقب الناشط السياسي - ماذا تريدون بالضبط؟ لديكم شعبيه كبيره وتستطيعون التأثير على الشارع سياسيا اعترف بذلك وكلنا فخورين وسعداء بكم. لكن؛ - هل هذه هي الغايه؟ - هل النجاح السياسي سيتحقق عندما تلغون التنوير من حياتكم؟ - هل ستحولكم السياسه الى محافظين مثل مجاميعكم التي تودون التأثير عليها؟ - هل معارك السياسه المحليه ستحقق لنا ولمجتمعنا التقدم والرقي أم هي معارك الفكر والتنوير التي تمس الناس كل الناس بصوره فرديه فريده وتجعل كل فرد منهم قادرا على التفكير الإبداعي؟.
نعم؛ شيء مخجل اجتماعيا أن ينادي احد بمبادئ تجعله بموضع تجريح وتحقير بنظر أفراد المجتمع سواء كانوا من اصحاب الشأن الرفيع او الوضيع. نعم؛ النجاح قد لا يكتب وتظل مبادرات التنوير بالعالم العربي أسيرة المقالات والندوات كما هو الحال مع كبار مفكرينا وكتابنا بالكويت وغيرها من الدول العربيه الذين رغم الإحباط الذي مروا فيه يجب أن لا ننكر أننا كجيل تنويري جديد ممتنين لهم وسنظل كذلك. نعم؛ قد يتحول هذا الإحراج الى أذيه وانتقام كيدي شرس كما حدث مع د.احمد البغدادي عندما سجن عام 1999.
رغم المخاطر والإحباطات يجب ان نسأل انفسنا دوما هذا السؤال - لماذا اخترنا التنوير والليبراليه؟ او بالأصح - ماذا نريد من هذه المبادئ والمفاهيم؟.
يسموننا كفارا ؛ ملاحده ؛ غريبيين و و و ... الخ. لكن ، هناك هدف امامنا نريد الوصول اليه ألا وهو المجتمع الحر المتحضر الذي لا يقل تقدما وانفتاحا باقي المجتمعات الحداثيه السعيده.
السعاده لا يمكن تحقيقها بالماده ونحن كشعب يسعى وراء الماده والمظاهر بكل شغف أكبر دليل على ذلك.
يا من تتسيب بعملك محتميا بعدم الإحترافيه والريعيه وتكبد الدوله راتبا أن لا تستحقه هل أنت سعيد مقارنة بعامل بدوله متحضره راتبه قد لا يصل حتى لـ 10% من راتبك.
يا من تخرجون وتتسكعون متزينين بالغالي والنفيس مرتديين أغلى الملابس راكبين أثمن السيارات بحثا عن الحب أو المجد هل انتم سعداء مقارنة بشعوب تحب وتنحب وتحقق امجادا دون أن تتستر بالماده؟.
يا من تتبجح بكثرة الأنساب والأقارب وعراقتهم الصحراويه القاحله هل تعيش حياة اسريه ناجحه خاليه من النفاق والمظاهر مقارنة بشعوب تكتفي بأسره نوويه صغيره تعيش بسعاده وعفويه؟.
والعشرات بل المئات من الأمثله السلبيه التي تثبت فشل المشروع الشرقي الديني بتحقيق السعاده والرضى لهذه الشعوب المنكوبه. لذلك نحن نطالب وسنطالب دوما بالتغيير الإجتماعي الذي لن يحدث الا ان تحقق التنوير الفكري بنمظومه مدنيه ذات قوانين علمانيه تحترم حقوق الإنسان ومجتمع ليبرالي منفتح يمنح لأفراده الحريه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق