21/06/2009
معضلة تنوير المجتمعات العربيه 1
بالمجتمع العربي بسبب رداءة المواريث الدينيه والإجتماعيه يفقد الفرد القدره على النقد الذاتي والتحليل المحايد بالتالي يفشل فكريا وحضاريا مقارنة بباقي المجتمعات. لذلك شيء طبيعي أن يكون تنوير تلك المجتمعات أو محاولة نشر القيم الإنسانيه أمرا بغاية الصعوبه والتعقيد لأن الطرف الذي يريد التغيير سيتعرض للهجوم الشخصي.
ان قلت لهم: حرية معتقد. قالوا أنك مرتد وتريد نشر الإلحاد واللادينيه.
ان قلت لهم: حرية سلوك ونمط حياة. قالوا انك منحل وبلا أخلاق.
ان قلت لهم: حقوق مثليين. قالوا أنك شاذ.
ان قلت لهم: حقوق مرأه مدنيه. قالوا أنك ديوث.
ان قلت لهم: حريه ادبيه. قالوا انك اباحي أوتدعو للأدبيات التي تشكك الناس بمعتقدهم.
ان قلت لهم: سلام سياسي مع اسرائيل وتعايش سلمي. قالوا أنك عميل صهيوني وأنت ضد حقوق الإنسان.
ان قلت لهم رأيك ببعض شبهاتهم العقائديه كالحجاب،قالوا انك لا تؤمن بحرية المعتقدات وضد الحريه الشخصيه.
ان قلت لهم: علمانيه. قالوا لك فرنسا وتركيا ومعاداة الحجاب.
وغيرها من الامثله والنماذج الفكريه. هذه الأمثله كلها لا تترك مجالا للشك أن الدين الإسلامي متورط بشكل مباشر بتشويه عقلية الإنسان العربي وحثها على الهجوم الشرس على أي أفكار تنويريه.
والذي يدعو للتناقض بالموضوع أن الذين يدافعون عن الفكر الديني سواء كانوا اصوليين او أفراد عاديين لا يمانعون أن يستخدموا القيم الإنسانيه للدفاع عن الرجعيه الإسلاميه وهذا دليل أن المشروع الإسلامي هو مشروع لا أساس فكري له أو مبادرات ممكن أن تحقق لأمته أي تميز حضاري مقارنة بالأمم الاخرى. انه مشروع لا يستطيع البقاء بزمن العلم والمعرفه فهو بالنهايه ليس سوى بداوه وفلكلور قبلي يحاول جاهدا أن يحاكي المدنيه والتحضر.
لذلك أقول مخطئ كل من يدعي أن الإسلام بريء ويتهم الإنسان العربي بأنه القمعي والصحراوي فلوما الإسلام لما عاشت المواريث الباليه ليومنا هذا فالدين كل دين هو بالنهايه فلكلور ومجموعة عادات وتقاليد تتوارث من جيل الى جيل.
مشكلة التنوير بالمجتمعات العربيه ليست محاولة نشر أو تطبيق قيمه الإنسانيه فالعديد من أفراد هذه المجتمعات يصنف نفسه متنورا وتنويريا لكنه على أرض الواقع يظل مسلما أصوليا يهاجم الآخر بذات الصوره التي استعرضتها بالفقره السابقه.
هنا السؤال يطرح نفسه - ما العمل؟ او بالأصح ماذا نحاول أن نعمل هنا؟ التهجم على التنوير والقيم الإنسانيه الحداثيه بات هويه اسلاميه شرقيه بالتالي وأي محاوله لتنوير هذه المجتمعات مهما كانت دبلوماسيه ستحول صاحبها لمجرم بنظر المجتمع الشرقي.
هذا الواقع أعتبره اخطر بكثير من مجرد وجود فكر ديني مخالف فالشخص المتدين أو رجل الدين هو رمز الخير بنظر رجل الشارع بالمقابل صاحب الفكر العلماني هو رمز الشر. هذا الواقع ادى لنتيجة تفكك أصحاب الفكر الليبرالي بالمجتمعات العربيه وتحولهم الى عدة فئات بعضها ان لم يكن معظمها متعارض فكريا الى درجة الصراع والشقاق.
من وجهة نظري المتواضعه أرى أن هناك 3 انواع من الليبراليين بالمجتمع الكويتي واتوقع أن بعض المجتمعات العربيه تشاركنا بهذا.
التصنيف:
النوع الأول يتجاهل القضايا الإنسانيه والفكريه لسببين اما الجهل وانعدام التأسيس الفكري والإطلاع الصحيح أو عدم الرغبه بأن يكون بموضع مواجهه مع المجتمع واحيانا كلاهما لأنه يملك اهدافا سياسيه بعيدة المدى وهؤلاء أغلبيه وغالبا طروحاتهم وأفكارهم تصب ببحر السياسه المحليه.
النوع الثاني يطالب ببعض أو جميع القيم الإنسانيه رغبة منه للتغيير الجاد. هؤلاء أقليه بعضهم يتحول الى النوع الأول فورا عندما يتعرض لمضايقات أو ضغوطات فكريه. هؤلاء يكونون بوجه المدفع وهم دائما يتعرضون للتهجم الشخصي بسبب جرأة آرائهم وأساليب طرحهم التي يصنفها المجتمع متطرفه او يساريه.كذلك بعضهم يتحول الى النوع الثالث كما سنرى لاحقا.
النوع الثالث وهي فئه هلاميه تسعى أن يظل النوع الاول بدائرة السياسه المحليه لأنها بموضع عداء شديد جدا مع النوع الثاني. فهي فئه تمتلك فكريا شرقيا رجعيا وتسعى جاهده لتشويه صورة النوع الثاني امام المجتمع الشرقي وتبرئة التنوير من افكارها ليس حبا بالتنوير أو رغبة جاده بالتغيير الى الأفضل فهي تؤمن بمبدأ خالف تعرف.
كما هو واضح ان النوع الثالث يمثل خطرا لا يقل عن خطر الاصوليه فهو يحب دور الناقد والجلاد لكل ماله علاقه بالليبراليه والليبراليين بالمجتمع الكويتي ليس بغرض البناء بل لغرض الهدم. هؤلاء مصابون بمرض الهويه الشرقيه وهم محافظين جدا من الناحيه الإجتماعيه والدينيه وطروحاتهم ببعض الأحيان لا تختلف عن طروحات الاصوليين بسبب دعمهم الواضح للإنغلاق والغاء الحريه الدينيه ومهاجمة كل من وما هو غير مسلم.
وكي لا يمل القارئ،قررت تجزئة المقال،نلتقي بالجزء القادم،وللحديث بقيه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق