الجزيرة تعتذر لشعب البحرين
31/03/2011
أمين محمد الصفار: في أواخر عام 1997م التقيت في البحرين بأحد الأخوة من قطر ودار بيننا نقاش جاد حاول صديقنا إنهاءه بالقول بأنه (أول مرة يقابل سعودي بهذا المستوى من النضج،فالعادة أن السعودي - حسب قوله - لا هم لهم سوى كرة القدم)،ثم استدرك بالتأكيد على أن هذا النضج الذي لمسه في محاوره مصدره هو مشاهدة قناة الجزيرة الوليدة في ذلك الوقت.
بالطبع ما يهمني هنا هو هذا الانطباع الإيجابي الذي تكون عن قناة الجزيرة ومنذ عام 1997 ولربما قبل ذلك ومازال مستمراً حتى الآن له ما يبرره ويدعمه على مستوى الوطن العربي وليس في قطر فقط،سواء كان من حيث الإمكانيات المادية أو البشرية أو المعنوية التي حازت عليها القناة خصوصاً وأنها ولدت من رحم مؤسسة إعلامية لها مكانتها وتاريخها على مستوى العالم وهي BBC.
في الأحداث الأخيرة التي شهدتها مصر كانت قناة الجزيرة جزء من الحدث نفسه،وقد حققت القناة مستويات نجاح قياسية قد لا تتكرر مع قنوات أخرى،وهو ما عزز بالضرورة الانطباع الإيجابي اتجاه القناة.
وبالمقارنة بين أداء قناة الجزيرة في أحداث مصر وتغطيتها لأحداث البحرين تظل علامات الاستفهام والتعجب تغطي أكبر شاشة عقل وبوصلة فكر. هذه العلامات سببها أن سمعة قناة الجزيرة وسجلها السابق في تغطيتها لأحداث أقل أهمية من أحداث البحرين لا يسمحان للمشاهد العربي أن يتخيل أن قناة الجزيرة في تغطيتها الباهتة لأحداث البحرين أصبحت كمن يتشبه ويستنير بالقنوات الحكومية الرسمية المقيدة بالكثير من المحاذير والاعتبارات والخطوط الملونة أو كمن اكتفى بلعب دور الزوائد الإعلامية الأخرى،وفي نفس الوقت ليس من المنطق أن تشرح وتحاضر في المهنية الإعلامية والشرف الإعلامي والإنساني لقناة مثل قناة الجزيرة وهي التي تخرج إعلاميين وترفع راية الرأي والرأي الأخر.
مازلت اعتقد بأن قناة الجزيرة ليس بمقدورها أن تكون زائدة إعلامية،ومازال باستطاعتها وبالعاملين فيها أن تقنع مشاهديها بأنها ملتزمة بالشعارات التي تنادي بها وترفعها ليس عبر تجاهل الحدث بل من خلال تغطية مهنية لأحداث البحرين وأية أحداث قادمة في المنطقة ما دامت هي موجودة في هذا الفضاء الإعلامي وجوداً حقيقياً،وألا تترك شعب جزيرة البحرين فريسة هذا التجاهل ليبقى بين الدرع والقناة،بل أن تبدأ كما بدأت صحيفة الأهرام المصرية إذ قدمت درساً إعلامياً راقياً بتقديمها اعتذاراً للشعب المصري يعبر قيم إنسانية وإعلامية عظيمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق