سأل سائل بعذاب (الواقع)؟
02/04/2011
سلطان الجميري: سمعنا بعد القرارات الملكية الآخيرة كثيراً من الأسر لم يكن يعنيهم أن يأخذوا قرضاً لبيت لايسكنه والدهم! ولا راتب لعاطل،لإن إبنهم معطل في السجن لايأخذ راتباً .. ولا يبحث عن وظيفة .. يريد أن يجتمع بعائلته ويشم الهواء خارج القضبان،أعظم وظيفة يمكن أن تتحقق له في حياته رعاية أطفاله! الظلم وغياب العدالة .. هو مصدر الخوف الحقيقي! فلا آمان ولا راحة لمهموم!.
سأل سائل بعذاب (الواقع): س١؟
ماهو الأمن و الأمان؟
هناك تكريس لصورة نمطية لمفهوم الأمن و الأمان يتلخص مصدرهما عند البعض في الحد من تواجد حالتين:
(١)- ما كان في الماضي قبل تكوين الدولة من إقتتال بين القبائل ووجود قطاع طرق ونهب وسرقات.
(٢)- ما هو موجود في الحاضر كشكل من أشكال التطاحن المستمر الذي تسبب في تواجده المستعمر أو النزاع طائفي.
كل شخص يريد أن يحث أن الناس على تبني (الله لايغير علينا) يقول تحمدوا ربكم وأسألوا أجدادكم كيف كان الحال؟.
لكن دعونا نتأمل حقيقة (الأمن [و] الأمان) ما هما وعن تواجدهما؟
للتفريق بين الكلمتين: تتولى الجهات المختصة بمنع وقوع جرائم أو إعتداءآت على المجتمع لتكوين حالة (الأمن)،بينما يتكون الأمان لدى الشخص حين يشعر بإستقرار وطمأنينة ينتفي معها القلق والخوف من أي شيء.
ويعرف مؤسس علم البلاغة عبدالقادر الجرجاني (الأمن) بقوله: عدم توقع مكروه في الزمان الآتي. وورد الأمن في القرآن في أكثر من موضع ومنها قوله تعالى: (فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون،الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون).
حين يبدي الفرد رأيه في مسألة تخص وطنه وتمس المسؤول بشكل مباشر وصريح هل يكون في مأمن! حين يطلب المرء حقاً من حقوقه ويلح في المطالبة به هل هناك ضمان ألا يسجن ولا يعتقل ولا يفصل من عمله ولا يحقق معه ولا يقال له تجاوزت حدودك!.
كم عدد سجناء الرأي! كم عدد السجناء المشتبه بهم ولم يحاكموا! كم عدد الذين فقدوا وظائفهم لمجرد (كلام)! هل يشعر هؤلاء وأفراد أسرهم بالأمان! هل هم مستقرون في دواخلهم!.
في الوقت الراهن لا يجب علينا أن نحصر مفهوم أمان المجتمع وأفراده فقط في شكل (منع إقتتال داحس والغبراء) ..! لإنه قد ينقلنا من مرارة الواقع إلى البذخ في الوهم … ويساهم في التلاعب في قناعات الناس واسترضاء أخيلتهم بحجب الواقع والتهديد بإستدعاء صور الماضي!.
شعور الفرد بالخوف من التعدي والظلم إذا تكلم في الشأن المحلي بكل صراحة هي الحالة التي يجب أن نركز عليها حين الحديث عن معاني (الأمن و الأمان)!.
ثم نتسائل بإستمرار هل هي موجودة أم لا! يجب أن يكون (أمن) الفرد من إعتداء السلطة حاضراً وجزء مهم من المعيار الحقيقي للأمن و الأمان!.
هذا الشق الأمني المهم لا يتبادر إلى أذهان الكثير ممن يتحدث عن (الأمن و الأمان) لإنهم لم يتجرعوا مرارة أن يروا في غسق الفجر (أماً) تشتم ملابس إبنها وتدفن وجهها فيه .. تجد ريح يوسف قلبها هناك!.
وسبب آخر لعدم التطرق لهذا المعنى،هو إيقاعهم في الحرج .. والتناقض،ويكسر (الوهم) الذي يريدون أن يبقى الآخرون يعيشون في فلكه!.
سمعنا بعد القرارات الملكية الآخيرة كثيراً من الأسر لم يكن يعنيهم أن يأخذوا قرضاً لبيت لايسكنه والدهم! ولا راتب لعاطل،لإن إبنهم معطل في السجن لايأخذ راتباً .. ولا يبحث عن وظيفة .. يريد أن يجتمع بعائلته ويشم الهواء خارج القضبان،أعظم وظيفة يمكن أن تتحقق له في حياته رعاية أطفاله!.
الظلم وغياب العدالة .. هو مصدر الخوف الحقيقي!.
فلا آمان ولا راحة لمهموم!.
سأل سائل بعذاب (الواقع): س٢؟
لماذا فضل الناس (العلمانية) على (الكنيسة)؟
في القرن الرابع عشر للميلاد فشل ثوار فلاحية (الجاكرية) في محاولتهم الأولى في فرنسا،لكن هذا الفشل أعطى إشارة للرقيق أن عملاً مماثلاً قد ينجح في المستقبل،وأستاء الناس من الكنيسة التي ساهمت في إجهاض محاولات الناس للإنعتاق من حكم الملوك المركزيون،ولم يبد رجال الدين حينها أي إنزعاج من إسترقاق الناس وفقرهم بل كان ذلك يرى كنتيجة لخطيئة (آدم)،فسحق الناس بإسم (الرب)!.
وحصلت الكنيسة على امتيازات الدولة وأعفي رجال الدين من الضرائب،فزادت ثروة القساوسة وزادت تبعاً لذلك القبضة الحديدية على رقاب الناس.
ضاقت الشعوب بتعاليم الإنجيل الذي كان يفسره القساوسة على هواهم وفقاً لمصالح الدولة ... فأراد الناس التحرر من هذه الوساطة التي تتحدث نيابة عن الله ومراد الله! وأحرمتهم حق (الحياة) الكريمة...!.
حاول (مارتن لوثر) وغيره من العلماء المفكرين أن يقوموا بعملية إصلاح الكنيسة وإنقاذ الدين من تحاريف رجالاته فاصطدموا برجال الكنيسة الذين شعروا بالخطر،فكان الرد حازماً يبدأ بالإختفاء وينتهي بالقتل...!
نفد صبر الناس .. فثاروا على رجال الكنيسة وطالبوا بفصل الدين عن الدولة (العلمانية) ورددوا مطلبهم العظيم: أن يشنقوا آخر قسيس بأمعاء آخر إمبراطور!.
فهل كان الناس حقيقة ضد الدين ورجالاته؟.
يقول ويلز: (كانت ثورة الشعب على الكنيسة دينية … فلم يكن اعتراضهم على قوة الكنيسة بل على مساوئها ونواحي الضعف فيها،وكانت حركات تمردهم على الكنيسة حركات لا يقصد بها الفكاك من الرقابة الدينية بل طلب رقابة دينية أتم وأوفى … وقد اعترضوا على البابا لا لأنه الرأس الديني للعالم المسيحي،بل لأنه لم يكن كذلك - أي: لأنه كان أميراً ثرياً دنيوياً - بينما كان يجب أن يكون قائدهم الروحي).
وجاء فولتير بفكرة (الدين الطبيعي) ولخصه بقوله: (إن دين أهل الفكر دين رائعٍ خالٍ من الخرافات والأساطير المنتاقضة،وخال من العقائد المهينة للعقل والطبيعة،لقد منع الدين الطبيعي آلاف المرات المواطنين من ارتكاب الجرائم،أما الدين المصطنع فإنه يشجع على جميع مظاهر القسوة … كما يشجع على المؤامرات والفتن وعلى أعمال القرصنة وقطع الطريق ... ويسير كل فرد نحو الجريمة مسروراً تحت حماية قديسه).
الإسلام ليس بمنأى عن التحريف والتلاعب به .. وبمراد الله،فإذا كانت (العلمانية) قد حكم عليها بالكفر في الشرع،فلا أحد يجيز سلطة الكنيسة التي تساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في فقدان الثقة بـ (الله)!.
الدين لا يتشوه دائماً على أيدي الجهله بل ربما جاء أشد تحريفاً وتشويهاً على يد من يعلم شيئاً من الكتاب،ونتيجة قد يندفع الناس إلى خيار (العلمانية) دفعاً .. وقد يفضل البعض دينا نقيا في القلب وبعيداً من السياسة على دين مشوه وموجود في كل مكان!.
إذا بدأ أفراد مجتمع ما بالحديث سراً عن محاسن العلمانية،فانطلق إلى الكنائس وفتش عن رجال الدين ربما أحدثوا تحريفاً في نصوص الكتاب!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق