الاثنين، 18 أبريل 2011

ما قبل الكونفدرالية (السعودية)



ما قبل الكونفدرالية (السعودية)
18/04/2011

الملك/ عبد الله بن عبد العزيز
مريم يوسف: في ظل هذه الظروف الراهنة وتحت إطار الشحنات الملتهبة في فتيل أرواح الشعوب العربية .. بدءا من تونس الخضراء،مرورا بأرض الكنانة إلى أرض المختار ووصولا إلى اليمن السعيد ومؤخرا دانة الخليج .. تباينت الآراء حيال هذه المواقف من قبل الكثير من الحكومات أنفسها،من الإعلام،وحتى من قبل الشعوب. إضافة إلى ذلك غموض وازدواجية الموقف الأمريكي تجاهها ومسك زمام ردود الفعل.
تأنت الحكومة الأمريكية لدراسة نتائج كل ثورة ومعطياتها،وذلك للتنبؤ بوضع مصالحها في ذلك البلد أو ذاك وتنكرت باسم (دعم الديمقراطية والحرية) في دول العالم .. بتجهيز ميداليات مختلفة المستويات والأنواع تبعا لنتيجة الوضع وكل بحسب حالته وما تقتضيه المصلحة. على رأي جون ستيوارت مقدم البرنامج الأمريكي الشهير (ديلي شو) أن الولايات المتحدة أشارت شيئا ما بشكل (صريح ودائم) حيث زعم أوباما في أحدى تصريحاته يوم 28 فبراير عبر شبكة السي إن إن،إنه طوال هذا الوقت وخلال المرحة الانتقالية في الدول ستواصل أمريكا (الوقوف) إلى جانب الحرية والديمقراطية وستقف إلى جانب (العدالة) والدفاع عن كرامة (جميع الناس)!!!.
ولا ندري ما هو نوعية هذا الوقوف .. المهم أنهم سيقفون. وهذا التصريح ما لبث أن وضع تحت المجهر قليلا وتحت الاختبار لتأتي النتيجة كالتالي: في يوم 17 مارس أعلن التلفزيون الأمريكي قتل 6 أشخاص بأيدي القوات السعودية أو ما يسمى بـ (درع الجزيرة) واقتحام دوار المعتصمين المعارضين للحكومة حيث كانوا يخيمون فيه! يعني (قتل) المتظاهرين السلميين المطالبين بالحرية والديمقراطية التي وعد بها أوباما بنيران حاكمهم وبمساعدة جارتهم الحليف الأول للولايات المتحدة بإذن من الرئاسة العامة لهذا العالم!.
ثم وتحت ظروف معتادة ناشد جاي كارني الصحفي الأمريكي والذي يشغل منصب المتحدث الرسمي الصحفي للبيت الأبيض بالدعوة إلى أعلى درجات ضبط النفس! والتحكم موجها دعوته إلى حكومة البحرين وإلى (كل من في البحرين) وأيضا إلى باقي الأطراف أن تمارس أعلى درجات (ضبط النفس) .. أسمعتم أيها الشعب الأعزل السلمي؟ خففوا من حدتكم حتى تسنح الفرصة لباقي الأطراف التحكم بأعصابه. فلربما (فلتت) أعصابهم قليلا وواصلو إتباع نظرية (أعلى درجات ضبط النفس)!!! أيها البحرينيون .. يجب أن لا تتظاهروا (سلميا) .. يجب أن لا تصرخوا مطالبين بحقوقكم .. يجب أن لا تقفوا في الطريق .. ولا تجعلوا ولائكم لبعضكم ولا ترفعوا شعارات (إخوان سنة و شيعة،هذا الوطن مانبيعه) حتى لا تجعلوا الطرف الآخر (تفلت) أعصابه من جديد.
ننتقل إلى الوراء قليلا إلى الوراء قليلا في ليبيا .. حيث هناك الوضع (يختلف قليلا) عندما حصل الثوار هنا على مئات الصورايخ والذخيرة .. وتجمعت الدول الأوروبية لتصنع حدا لما يحصل في ليبيا ومهدت الطريق لإرسال قواتها بذريعة الدفاع عن ليبيا وعن شعبها وحمايتها من القذافي بعد أن انتهت مدة صلاحيته من مخازنهم. في المقابل كل ما حصل عليه الشعب البحريني هو: المطالبة بأعلى درجات ضبط النفس ... ومزيد من الشهداء ... مزيد من الاضهاد والقمع بأيدي (عربية مسلمة) بتشديد اللام!.
ومن الطريف أن الولايات المتحدة قد عرضت المساعدة لسنوات عديدة لمحبي الديمقراطية وطالبي الحرية .. وأوهمت العالم بأنها هي ينبوع الحرية المتجسد في تمثال كبير يقبع في خليج نيويورك بعد أن رمته أو أهدته فرنسا طوعا أو كرها عام 1886 بمناسبة الذكرى المئوية (للثورة الأمريكية)! عجبا،لا أدري لم ثاروا وعلى من ثاروا في ذلك الوقت.
الحكومة الأمريكية تتبع المثل القائل (لكل مقام مقال)،في تفصل البزة المناسبة لكل بحسب حالته الخاصة وتبعا لاحتياج معدتها .. فمنهم من يحتاج إلى حمية فقط في نظرها،ومنهم من يحتاج إلى رياضة فقط! والبعض قد يحتاج الاثنين معا ... ومنهم من يحتاج إلى تدخل (جراحي) وقطع لسانه - عفوا أقصد معدته - لضمان نزول الوزن في وقت قياسي بما يتناسب مع مقاسات (البذلة الموعودة)!!!.
فيبدو أن أمريكا تملك عروضا لنفسها وتقدمها (إجبارا) على شكل باقات ... باقات أمريكية للحرية ... على غرار ما يحصل في شركات الاتصالات والبنوك من باقات ذهبية وفضية وبرونزية،وتبعا لذلك فالدول التي يعاني شعوبها من الظلم والاستبداد والوحشية ولكن لا تملك أهمية إستراتيجية في أجندة الحكومة الأمريكية مثل السودان حيث الصراعات الدينية والقبلية،الحروب الأهلية،والمجاعة ... تحصل هذه الدول على الباقة المزدوجة التي تنص على أن (لا تحصل) هذه الفئة على أية التزام شفوي أو دعم مالي أو عسكري ولا غير ذلك ... ولن تحصل سوى على هذه الجمل: (سوف نتابعكم ... ونظهر الاهتمام بشكل دوري لمشاكلكم)!!! رائع يبدو جيدا!!!.
نأتي الآن لجمهورية مصر ... فنجد أنها برغم جيرتها مع السودان وتشاركهما في العديد من الجوانب ... إلا أنها لم تحصل على الباقة المزدوجة،لماذا ياترى؟؟؟ هذا لأن لمصر قيمة إستراتيجية مهمة في الأجندة الأمريكية مع فارق أنهم لم يحصلوا على أي دعم عسكري ولا قوات تحالف ... وبذلك قد ارتقوا بحصولهم على الباقة الفضية ...حيث تظهر أمريكا تعاطفا واعترافا بمعاناة الشعب والمتظاهرين ... والتي تعكس الإرادة المشروعة للشعب وتدلي بتصريحات غامضة عالية المستوى مثل تصريح هيلاري كلينتون بقولها: (نحن لا ندعو إلى نتيجة محددة ... بل ندعو إلى أن تبدأ الحكومة،ممثلي المجتمع المدني،المعارضة السياسية،والنشطاء ليبدؤوا [الحمار] - عفوا أقصد الحوار - ليرسموا لهم مسارا متصل)!!! عجبا لكن من تدعم هيلاري بتصريحها هذا بالضبط؟؟؟!!! فعليها أن الباقة الفضية هنا هي (شبه مضمونة) باستثناء عدم حصولهم على دعم عسكري لأنهم (غير مؤهلين لذلك) ... وتعليقا قال رفيق جون في البرنامج (أن الطاغية الذي كان يحكمهم،كان صديقا لنا في الواقع) طريف جدا!.
وانتقل إلى مستوى مختلف وهو عندما يكون الديكتاتور الذي يثورون عليه شعبه هو عدو لدود لأمريكا ... ويملك قيمة إستراتيجية عالية ... ويسبح هذا البلد في بحر من النفط ... إذا فهو يستحق الباقة البلاتينية،وهي الباقة التي حصلت عليها العراق ... ذلك البلد الثمين استراتيجيا واقتصاديا وعلى جميع الأصعدة ... بعد أن أسقطت أمريكا الكرت ألصدامي الذي كان بحوزتها تلعب به وفيه وعليه لسنوات عدة،حيث شملت الباقة غزو كامل النطاق للعراق،والإطاحة بالنظام (الغاشم)،وإعادة بناء المستشفيات والمدارس والطرق! يا سلام! وهي نفسها التي دمرتها الولايات المتحدة خلال الغزو! يا سلام مرة أخرى!.
نأتي أخيرا على المستثنى من كل هذه الباقات،كما علق جون ورفيقه: (كلا ... في ذاك البلد يوجد جيش ثائر والأمر معقد) ... إيران ...! شبح المنطقة ... هاجس الولايات المتحدة ... القوة الغامضة ... الدولة التي تملك لا تحتاج لباقات حرية أمريكية لأنها ببساطة تملك كل الباقات ... موقع استراتيجي،قيادة سياسية،نفط وغاز،قوة نووية،جيش عسكري،صورايخ حديثة،موارد طبيعية،أتباع في كل مكان،مما شكل خطرا وتهديدا لإستراتيجية الولايات وعائقا لمصالحها والتي تحاول – فشلا - لحد هذه اللحظة قطع كل الطرق بشتى الوسائل فبعثت بفيروس التأهب والاستعداد لمواجهة هذه الدولة التي تريد (الهيمنة على الخليج الفارسي ومنها على العالم) ... نتيجة للخوف الذي يعتري أمريكا من إيران لأنها لم تعتقد يوما بأن يوازي جبروتها أحدا غيرها في هذا العالم ...
هنا يكمن حل اللغز في السكوت مع سبق الإصرار والترصد لما يحدث في البحرين (الذي لم يحصل على أية باقة) ... وهو حل اللغز ذاته في إعطاء أمريكا الضوء الأخضر بل وأمر دول الخليج في مقدمتها السعودية بإرسال قواتها لسحق شعب أعزل .. ليس له ذنب غير أنه نادى بما (دعت إليه أمريكا) وأن ذنبه الثاني هو أنه ذو أغلبية شيعية (موالية لإيران)! لتتخذ هذا ذريعة واهنة للضغط على حكام دول الخليج برعاية السعودية في تكوين (كونفدرالية) خليجية تتجاوز الأبعاد (الأمنية والعسكرية). وعلق – كذبا - خبراء وعسكريون أن فكرة اللجوء لدول مجلس التعاون لاتحاد كونفدرالي يعتبر مطلبا شعبيا بالدرجة الأولى! أين ومتى سؤلنا نحن الشعوب عن رأينا ومطالبنا وحقوقنا؟؟؟ حتى يكون لنا رأي في قضية حساسة مثل هذه!!!. وأضافوا أن المشروع هو بعيد كل البعد عن تأثير الموقف الإيراني من هذا (التعاون)،فاتبعوا المثل المصري القائل: ماشفهومش هم بيسرقوا،شافوهم وهم بيتحاسبوأ! حيث أنه دليل على أن هدف المشروع الأول والوحيد هو جمع أكبر قوة ممكنة لمواجهة إيران وتوسيع الرقعة لمجابهة القوة المضادة للولايات المتحدة في العالم!.
وشجع المشروع بتحضير الدول الست على أن تكون الأهداف المرجوة أكثر شمولية لتجاوز البعدين العسكري والأمني،وأنه يجب أن تتخطى الدول المسائل الحسابية الضيقة وتقديم التنازلات المطلوبة. ومنهم من علق تأكيدا مثل أستاذ العلوم والسياسة د. وليد السديري،بجامعة الملك عبد العزيز أنه بغض النظر عن اختلاف التصورات عن مفهوم الكونفدرالية ومداها،إلا أن (التكامل بين دول مجلس التعاون) مطلب أساسي لصالح دوله وشعوبه (والأيام دائما تثبت ذلك) مثلما (تفعل الظروف الحالية).
أعتقد بأن الدكتور د. وليد السديري،يريدنا أن نأخذ من الكونفدرالية اسمها فقط وليس معناها الذي ينص: على أنه تجمع مجموعة من الدول (المستقلة) التي تفوض بموجب (اتفاق مسبق) بعض الصلاحيات لهيئة أو هيئات مشتركة لتنسيق سياساتها وذلك دون أن يشكل هذا التجمع دولة أو كيانا وأن تحترم (مبدأ السياسة الدولية). وأكد من جهة ثانية الكاتب السياسي بصحيفة الرياض السعودية يوسف الكويليت: أن هذه الفكرة ضرورة أساسية وإستراتيجية مهمة ... ويجب أن (لا تكون ردة فعل لما يحصل مع إيران) وإن دول الخليج بينها روابط كثيرة حيث تتشابه في العادات والتقاليد والمداخيل ... عجبا سيد/ يوسف الكويليت ... لم نرى تطبيق فكرة المشروع في ما يحصل في البحرين!!! لقد ناقض السيد/ يوسف الكويلي، كلامه بقوله: شاهدنا كيف أن الكويت تحولت للقمة سائغة وإيران تهدد الآن كل دول الخليج بلا استثناء ولابد من الاعتماد على الذات الخليجية في بناء (قوتها) والخليج منطقة غنية على (حدود الخطر) وهي مستهدفة ولا يمكن إنكار ذلك!.
عجبا أيها السادة: ما هذا التفاؤل المحدود؟؟؟ كيف يمكن لدول أن تتحد وهي ذاتها تفتقر إلى أساسيات الوحدة في عقر سياساتها الداخلية؟ ثلاثون عام من الإتحاد ... ومازالت الاختلافات كبيرة بينها على جميع الأصعدة في جوانب عدة وإشكاليات عديدة:
1- لم يتحدوا إلى الآن على عملة خليجية موحدة لرفض البعض منهم.
2- مازالت هناك خلافات قائمة على حدود إقليمية.
3- اختلاف الأنظمة السياسية والتشريعية بين الدول.
4- العلاقات الدولية تختلف بين دولة وأخرى.
5- تفاوت الدخل والمستوى المعيشي بين دولة مثل قطر تحتل المركز الأول وبين البحرين التي تحتل المركز الأخير.
6- عجز التجهيز العسكري فلا يوجد غير (درع الجزيرة) وهو رمزي قوامه سعودي والذي استخدم في قتل الأبرياء في دولة من دول مجلس التعاون!.
وعليه فإن هذا (الوهم) الذي يريدون به تخدير الشعوب واللعب على الأذقان هو مشروع أمريكي خام برعاية الحليف الأول السعودية وجناح هامشي يتمثل في باقي الدول الخمس! هدفه تجييش الجيوش وتوسيع دائرة التعامل مع إيران التي تعودت أن تكون الشماعة لتعليق جرائم وأخطاء الحكام في العالم نتيجة السياسة الأمريكية.
فأي وحدة تلك التي تخدم المصالح الأمريكية؟.
أي وحدة تلك التي تسمح لعربي أن يقتل عربي مثله على مرأى ومسمع من العالم؟.
أي وحدة تلك التي تسمح بتكفير الناس؟.
أي لعبة تلعبونها في ظل هذه الصحوة العربية الإسلامية؟؟!!.
فلا تعليق أكثر من (مرحبا بالولايات السعودية المتحدة الكونفدرالية الجديدة)!!!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق