العلم هو القوة
06/12/2010
السعودية والتحريض على ضرب إيران
عندما تؤكد وثائق وزارة الخارجية الأمريكية التي نشرها موقع ويكيليكس يوم أمس أن العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز قد طلب من الولايات المتحدة الأمريكية رسمياً شن هجوم عسكري على إيران لتدمير منشآتها النووية،فإن علينا أن نتوقع أزمة كبيرة في العلاقات السعودية - الايرانية في الأيام المقبلة قد تتطور إلى أمور غير حميدة على الإطلاق.
نفهم أن تستدعي المملكة العربية السعودية نصف مليون جندي إلى أراضيها عام 1990 تحت عنوان تحرير الكويت،وإخراج القوات العراقية منها بالقوة،فـ العراق بغزوه الكويت انتهك القانون الدولي،ولكن نستغرب أن تحرض المملكة على ضرب دولة إسلامية مارست حقاً مشروعاً يكفله القانون الدولي في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية.
فكل التقارير تؤكد أن إيران لم تتعد الخطوط الحمر،واقتصر تخصيبها لليورانيوم على إنتاج كميات منخفضة المعدلات،أي في حدود العشرين في المئة،فلماذا تتورط دولة عربية لها مكانة مرموقة في العالم الإسلامي على استعداء دولة جارة بمثل هذه الطريقة! ربما يجادل البعض بأن إنتاج إيران لرؤوس نووية يشكل تهديداً للمملكة العربية السعودية والدول الخليجية الأخرى،ويطلق سباق تسلح نووي،وربما ينطوي هذا الجدل على بعض الصحة،ولكن لماذا لا يكون الرد على مثل هذا التهديد بمشروع عربي نووي متكامل،خاصة أن الدول العربية تملك المال والقدرات والتحالفات اللازمة لامتلاك قدرات ردع نووية فاعلة ومؤثرة؟.
ثم هل فكر العاهل السعودي بالنتائج التي يمكن أن تترتب على مثل هذه الخطوة،خاصة على المملكة العربية السعودية ودول الخليج،وأبرزها اندلاع حرب طاحنة،وإقدام إيران على قصف مدن المملكة ودول الخليج الأخرى بالصواريخ،وانفجار خلاف مذهبي بين الشيعة و السنة،أو قومي بين العرب و الفرس؟.
لا نعتقد أن إيران ستكون سعيدة جراء ما ورد في الوثائق من تحريض على ضربها ولا نعرف كيف سيكون رد فعلها،ولكن ما نعرفه أن توترا كبيرا قد يطرأ على علاقاتها مع دول الخليج والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص.
الولايات المتحدة الأمريكية التي دمرت العراق وسلمته لقمة سائغة إلى إيران،بعد أن بذرت في أرضه الخصبة بذور الفتنة الطائفية،تريد أن توسع دائرة الفتنة هذه وتنقلها إلى مختلف الدول العربية لزعزعة استقرار المنطقة وإغراقها في حروب طاحنة.
نتمنى أن نسمع توضيحا من الحكومة السعودية على ما ورد في هذه الوثائق،من اجل المساهمة في تطويق هذه الفتنة في مهدها،أو تقليص أخطارها على الأقل،لأن ما ورد في هذه الوثائق خطير بكل المقاييس ولا يجب الصمت عليه.
أخيرا يظل لزاما علينا أن نلفت النظر إلى نقطة واحدة،وهي خطورة انسياق دول عربية خلف المشاريع الأمريكية في المنطقة،والتورط في اتخاذ مواقف في السر يعتقدون أنها لا يمكن أن تظهر إلى العلن.
أمريكا لا تحترم حلفاءها،وتعتبرهم أدوات في مشاريعها الاستعمارية،وتتعمد فضحهم بعد توريطهم باتخاذ مواقف تقوض مصداقيتهم واستقرار بلدانهم. وما نراه من نشر لهذه الوثائق الحالية،وقبلها بشأن انتهاك حقوق الإنسان في العراق على يد حكومة المالكي،هو الدليل الأبرز على ما نقول.
رأي القدس ، 28/11/2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق