Tue 17 Aug 2010
الامبريالية و الصهيونية … وانف عائشة
احقر ما يمكن ان يمارسه البشر هو دفاعهم المستميت عن الباطل،ومن اشهر طرقنا نحن العرب اذا اردنا ان ندافع عن جرائم ارتكبها من لا نقبل ان ينتقدهم احد هو ان ناتي بامثلة لجرائم وسلوكيات ارتكبها من نكرههم ونصرخ: لماذا لا تدينوا تلك الجرائم؟ انظروا مثلاً الى الفوضى والدمار الذي يعم العراق هذه الايام. ما ان يظهر من ينتقد فساد حكومات الاحتلال وجرائم الاحزاب الدينية فانه يجابه بمقولة مفادها: وهل تتذكرون مجازر صدام والمقابر الجماعية؟. بهذا المنطق علينا ان لانستنكر جرائم سفلة البشر في الوقت الحاضر لسبب مضحك هو ان هناك من ارتكب مثلها في السابق.
وفي مقابل كل جريمة يرتكبها احد القادة المؤمنين الذين لا ياتيهم الباطل من بين ايديهم ولا خلفهم ينبري محامو الشيطان مدافعين مبررين صارخين يذكروننا بما ارتكبته الادارة الامريكية من جرائم في العراق وما ارتكبته اسرائيل في غزة!!!؟؟؟. يعني ببساطة مادامت اسرائيل تذبح فلسطينيين فمن حق حكامنا الاشاوس ان يرتكبوا ما شاءوا من مجازر بحق شعوبهم دون محاسبة،ومن حق فقهاء الشر ان يفتوا بما يحلو لهم من احكام وعقوبات قرةقوشية دون ان يجرؤ احد على معارضتهم او انتقادهم والا صرخ الادعياء كالمعتاد انها مؤامرة لتشويه الاسلام.
هكذا يسارع اهل النخوة والحمية للتغطية على المخازي بحجة مخازي الآخرين،فالحق عندهم يتمثل بان تلك تبرر هذه،وان من حق السفلة ان يرتكبوا ما يشاءون مادام هناك سفلة غيرهم قد فعلوها،رغم ان الضحايا في الحالتين هم من الابرياء.
اجزم ان الكثير من الاخوة القراء قد اصابهم الغثيان عندما راوا صورة الفتاة الافغانية عائشة التي قطع زوجها انفها واذنيها تنفيذا لقرار محكمة طالبانية لانها ارتكبت جريمة ترك المنزل دون اذن منه،علما ان زواجها اصلا من زوجها الجزار كان فصلا عشائريا لا ذنب لها فيه بعد اعتداء ارتكبه خال الفتاة المسكينة بحق احد اقارب الزوج المخبول،ومن المؤكد ان هذا الخبر كان سيبقى طي الكتمان لولا ان استطاعت الفتاة المشوهة ان تصل الى منظمة انسانية في كابل وفرت ملجأً امناً للنساء الافغانيات من ضحايا العنف،حيث ستتولى ارسالها الى الولايات المتحدة لاجراء عملية تجميل لانفها المفقود. وهنا سمعت مراسلة مجلة امريكية بالخبر ونشرت تحقيقا كاملا عنه حيث قصت الفتاة ما وقع عليها من اعتداء همجي،فثارت ثائرة نطايح التطرف الاعمى مدافعة ومبررة ومستنكرة ليس الفعل الحيواني بل عملية فضحه ونشره وتعريف العالم بنوع من البهائم انتسبت زورا الى البشر،فما دامت الجهة التي نشرت الخبر مجلة امريكية (تايم ماغازين) فمن السهل الادعاء ان الموضوع يستهدف الاساءة او تشويه سمعة المجاهدين،لذا علينا ان نتناسى الفتاة التي شوهتها سكاكين التخلف الديني لنهاجم الامبريالية و الصهيونية العالمية والمؤامرات الصليبية ضد الاسلام و المسلمين،والى الجحيم بـ عائشة المسكينة رغم انها مسلمة ايضا.
نعم؛ هناك نوع من النفاق الواضح عندما نشرت مجلة (تايم ماغازين) الخبر والصورة على الغلاف تحت عنوان (ماذا سيحدث اذا رحلنا عن افغانستان؟) لان من كتب هذا العنوان نسي ان هذا الفعل المقزز حصل اثناء الوجود الامريكي في افغانستان ... لكن هذا ليس مبررا لان نلغي وقوع الجريمة وان نغفر لمن ارتكب هذه السادية،فهل على عائشة ان تدفع فاتورة جرائم الامريكان في بلادها؟.
عندما نشر موقع (العربية. نت) الخبر كتبت العديد من الاقلام الشريفة مستنكرة،لكن ... وكما جرت العادة فلابد ان يكون هناك اصوات نشاز تسارع الى التبرير والقاء التبعات واللوم على كل الاخرين الا من يرتكب هذه الجرائم،اما بايجاد تفسيرات شرعية او التشكيك بصحة الخبر واعتباره تلفيقا او اختلاقا رغم ان المجلة التي نشرته هي من اكثر المطبوعات العالمية رصانة ونزاهة في نقل الاخبار.
يمكنكم قراءة الخبر والتعليقات بالكامل على هذا الرابط:
وهذه عينة من بعض التعليقات المثيرة للاشمئزاز من قبل من يحاول التهوين او حرف الانتباه عن الجريمة تثبت ان اخوان الشياطين لن يتنازلوا عن تعصبهم المقيت لا بالحق ولا بالباطل،وها هي تعليقاتهم امامكم لتحكموا على طريقة تفكيرهم ...
معلق اسمه الزعيم فهد يقول: (امريكا تحاول تشويه صوره طالبان عندما خسرت المعارك على الارض). هناك فتاة بريئة تم تشويهها بوحشية فما علاقة معركة طالبان مع امريكا؟. وهل ان صورة طالبان جميلة زاهية وتريد امريكا ان تشوهها زورا وبهتاناً؟. هل نسيتم تفجير تمثال بوذا التاريخي؟.
معلق اسمه ابو همام يقول: (قد تكون امريكا واذنابها هي الي قامت وارادت ان تتهم الرجال. نعم؛ الرجال اللذين يدافعون من اجل اخراج الاجنبي من افغانستان). وامريكا ايضا هي التي ذبحت سكان دارفور لتلقي التهمة على عمر البشير وحكام السودان المساكين،مو بللة؟.
معلق اسمه الهيلا يقول: (هذه من الحرب الاعلاميه الامريكيه ضد طالبان!!! يتباكون على قطع انف وقد قطعوا رقاب الألوف من المسلمين في افغانستان والعراق والصومال وفلسطين!!!). سؤال لهذا الفطحل: لو قطع زوج اختك انفها فهل ستسكت لان هناك الالاف قد قتلوا في افغانستان؟.
واحد اسمى نفسه سعودي فاهم يقول: (إنما هو أحد نتائج القنابل الأمريكية على المدنيين ،،، والدليل وجود أثار وعملية تجميل فوق الحاجب الأيمن ،،، ولو كان الخبر صحيح لقطعوا الحاجب الأيمن مادام الوضع وصل للأنف والأذنين؟؟؟). هل يوجد بينكم من فهم هذا التحليل الرهيب (لو كان الخبر صحيحا لقطعوا الحاجب الايمن!!!؟؟؟) كل هذا واسمه فاهم!؟.
معلق وضع عنوان لتعليقه: لا تتخدو اليهود والنصارى أولياء يقول: (أمريكا رمز للفساد والكفر،أنا لا اقول هذا لأني أكرهها لا،بل أني أعلم حكومتها ماذا تحاول أن تفعله والخطة التي تنفذها منذ زمن بعيد). لا اعرف ماذا كان سيحصل لامة محمد لولاك ولولا عبقريتك التي كشفت خطط الحكومة الامريكية منذ زمن بعيد.
معلق اسمه الجهني واثق الخطوة السعودية يقول: (يمكن اللي تسبب بهذا شظية قنبله او القصف الامريكي اللي قتل الآف المدنيين بأفغانستان ... وبعدها دفعوا لها المال لتقول ماتقول ... ويضربون عصفورين بحجر ... تشوية صورة المسلمين وتشوية صورة امارة طالبان الاسلامية). عجيب،يعني امريكا لا شاغل لها الا طالبان؟ لا اعرف لماذا يكون العباقرة الذين اكتشفوا ان الحادثة تلفيق امريكي لتشويه سمعة طالبان الزاهية دائما سعوديين؟ هل باقي العرب اغبياء وهؤلاء فقط هم العباقرة؟.
معلق اخر ينصح: (لا تصدقوا الاعلام الغربي الامريكي فقد صوروا لنا سابقا ان الرئيس صدام بانه طاغية واتضح لنا اخيرا انه رجل مؤمن شريف). اي بالضبط،فقد تبين اخيرا ان كل عمليات الاعدام في عهد صدام كانت تتم دون علمه وهو نائم،وحتى غزو الكويت قامت به المعارضة لتشويه سمعته بينما كان صدام المسكين يصلي الفجر.
اما اعظم واذكى تعليق فكان التالي: (في ديننا دين الاسلام توجد حدود مثل قطع اليد والجلد والرجم بالحجارة حتى الموت،ولكن لا يوجد حد قطع الأنف والإذن ... فهذا مجرد تشويه للدين الإسلامي من الإعلام الامريكي). قطع الانف تشويه للدين الاسلامي،بس قطع اليد والرجم بالحجارة حتى الموت حدود شرعية نتباهى بها!!! هل هناك حدود شرعية للغباء؟.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق