03/04/2009
العلمانيه بين الحياد العقائدي والعنصريه الإسلاميه
بالمجتمعات العلمانيه ماهية معتقد الفرد ليست من شأن أحد. فالتعدديه العقائديه الموجوده هناك تضمن للفرد حرية اختيار أو عدم اختيار أي دين متى وكيف أراد ذلك ولا يوجد شيء بالقانون العلماني يفرض على الفرد هويه دينيه او يعطي غيره حق الإساءه الشخصيه أو المعنويه له بناء على أساس عقائدي بل الواقع هو العكس تماما فكرامة الإنسان مكفوله رغما عن انف الدين. لكن بالمجتمعات الإسلاميه نجد أن المسلم يغلق كل أبواب الحوار والنقاش ان كان الطرف الآخر خارج ملته بل يظن انه يملك الحق بممارسة الإساءات ضده بكل أشكالها.
الليبراليه و العلمانيه تدعو الى تقبل معتقدات الآخرين واحترام حقهم بممارستها لكن بنفس الوقت هي لم تعطي تلك المعتقدات صلاحيه تسلطيه تجعلها منزهه عن النقد بكل أشكاله ودرجاته خصوصا ان كنا نتكلم عن معتقدات شموليه بكل جوانب الحياة تمس كل من يعيش على رقعة الدوله الجغرافيه كالإسلام ودوره كنظام شمولي بالدول الإسلاميه. كثيرا ما يتحفنا أشباه المثقفين من المتأسلمين عندما يمارسوا عنصريتهم العقائديه لتدليس مبادئ الفكر العلماني ليبنوا استنتاجات خرقاء مبنيه على الحميه الإسلاميه مثل ادعاء أن العلمانيه قد وجدت أساسا كي تحمي قدسية الدين من ما يسمونه بدنس السياسه.
اولا: السياسه ليست دنسا بل نظام او بالأصح انظمه تدير دوله ولأنها أنظمه فهي بحاجه لمعطيات ومخرجات مبنيه على العقلانيه والإحترافيه لذلك الدين بجوانبه الدوغماتيه والتغييبه المبنيه على تناقضات تاريخيه رجعيه يفشل او بالأصح يرسب بعملية الإداره المعقده هذه.
ثانيا: خطأ شائع جدا حصر مفهوم العلمانيه بالسياسه فقط فـ العلمانيه جاءت بعهد التنوير ليس فقط بهدف تحرير السياسه بل لتحرير جوانب الحياة كلها من اي تسلط أو تأثير ديني لذلك هي تدعم منهج الإستدلال العلمي وبديهيات الفلسفه الإنسانيه كالمنطق والعقلانيه المحايده المبنيه على الحقائق البراغماتيه والسببيه وهذا ليس رأيي الشخصي بل ما هو مكتوب وموثق عن العلمانيه من مصادرها الأصليه ولكي أثبت للقارئ صحة كلامي اقتبست فقره من احدى المصادر التي اعتمد عليها بكتاباتي:
"secularism a philosophy affirming that all forms of belief , morality , thought and institutions , should be withdrawn from religious and metaphysical control and influence"
source:
dictionary of religious and secular faiths
Gerald Benedict
أتحفظ على ان اترجم هذه الفقره كي لا اتهم بالتدليس وأترك هذه المهمه للقارئ المحايد ومن لا يتقبل هذا التعريف ليبحث عن تعريف آخر وانا متاكد انه سيحصل على نتيجه مشابهه.
ثالثا: ان العلمانيه تاريخيا هي نتاج فكري غربي خالص والتاريخ الإسلامي لا علاقة له لا من بعيد ولا من قريب بالمبادئ العلمانيه. الزمن العباسي لا يستحق تلقيبه بالعلماني رغم انفتاحه النسبي الثقافي ونهضته العلميه ووجود العديد من المفكرين فيه أصحاب أفكار قريبه الى حد ما للفكر الليبرالي والعلماني هو يظل عهدا اسلاميا بدوله لم تفصل الدين عن السياسه. نعم؛ هناك بعض المفكرين الأحرار قد عاصروه لكن ذلك لا يشفع أن مجتمعهم كان إسلاميا فيه رجال دين يتحكمون بقرارات العوام كما هو حالنا اليوم. اما من يستخدم اقتباس (انتم أعلم بامور دنياكم) الموجود بحديث تلقيح النخل على انها اشاره للعلمانيه أقول له انها سذاجه محاولة تسويق العلمانيه للمسلمين بهذا الشكل الغبي فالإسلام دين سياسي ثيوقراطي قح ولا نستطيع نسف هذا المفهوم البنائي التأسيسي للعقيده مستغلين اقتباسا يتيما كأنه مسمار جحا.
رابعا: من يدعي أن العلمانيه هدفها حفظ قدسية ومكانة الدين هو غالبا عربي ومسلم وانا اتحداه و من يتفق معه بالرأي أن يثبت صحة هذا الإدعاء من مصدر علماني لم يكتبه أو يترجمه بتحريف شخص عربي أو مسلم وفقا لأهوائه القوميه والإسلاميه.
نأتي الى احدى المغالطات والتهم التي سببها المسلمين ومنظومتهم الفكريه وهي ربط العلمانيه بالإلحاد. نعم؛ العلمانيه ليست الحادا والعلماني ممكن ان يكون صاحب أي عقيده لكن من التناقض أن يصبح العلماني لأنه يعيش بنظام ذي عنصريه عقائديه كالانظمه الإسلاميه هو نفسه ممارسا لذات العنصريه التي يمارسها نظامه ضاربا بعرض الحائط المبادئ التي يدعو لها. ولكي لا نحول الموضوع الى الحاد واعتقاد علينا ذكر حقيقه مهمه الا وهي ان ملحدي ولادينيي العالم العربي من الأصح وصفهم بغير المسلمين لأن الإسلام لم يعطيهم المجال للإطلاع على غيره من العقائد ولا الحق بتركه ليست تحول الى عقيده أخرى فبالتالي هؤلاء الغير مسلمين قد لا يكونوا بالضروره قد وصلوا الى مرحلة الإلحاد أو اللادينيه الفعليه من الناحيه الفكريه والفلسفيه. هؤلاء كأقليه اجتماعيه وفكريه لا يمثلون اساءه لـ العلمانيه كفكر فـ العلمانيه كفكر قائم بحد ذاته له ادبيات ومبادئ بمتناول الجميع بغض النظر عن معتقدهم. ليست مشكلة ولا مسؤولية الغير مسلمين أن المسلمين غير قادر على تقبل وهضم العلمانيه بل هي مسؤولية دينهم الإسلامي فهو معتقد ثيوقراطي عنصري لا يقبل بأي بدائل فكريه أو أيدولوجيه أخرى. مبادئ وأدبيات العلمانيه تشدد على ان كرامة الأقليه بالمجتمعات ذات الأغلبيه يجب ان تحترم بقوة القانون سواء كان معيار الإختلاف معتقدا أو عرقا أو جنسا كما هو منصوص بالدساتير التي تحترم حقوق الإنسان بما فيها الدستور الكويتي.
اذن تلك المبادئ لا تعطي الحق للأغلبيه المسلمه بقمع الأقليه الغير مسلمه أو تمنعها من ممارسة حقها بحرية الرأي والتعبير. هؤلاء الغير مسلمين لم يصبحوا علمانيين سعيا وراء الشهره أو لغاية التبجح او التفلسف الادبي او الفكري بل العلمانيه بنظرهم هي مطلب شرعي يستخدمونه للوصول الى نظام أفضل فكريا وانسانيا من النظام العنصري الحالي كي يتحقق لهم مفهوم التعايش مع المجتمع الذي بات قمعيا يستبيح كرامتهم وينتهك حقوقهم الأدبيه والمعنويه فقط لانهم مارسوا حقهم الإنساني المشروع بتغيير معتقدهم وعبروا عن أفكارهم التي دفعتم لهذه النتيجه التي يراها المسلمون جريمه. فـ العلمانيه لمن يجهلها تضمن للمجتمعات الحصول على حالة التعدديه العقائديه وليس الغاء هذه الحاله كما يسوق بعض المدلسين.
مغالطة أخرى وهي محاولة ايهام القارئ ان من ينتقد الإسلام بالإنترنت مستغلا سرية الهويه الإلكترونيه هو شخص لا توجد عنده شجاعه ادبيه. ان سرية الهويه الإلكتروينه هي ميزه توفرها شبكة الإنترنت كي يطرح الناس أفكارهم بكل حريه وامان خصوصا ان كنا نتكلم عن انظمه دكتاتوريه عقائديا كما هو الحال بالدول الإسلاميه. وليس عيبا او جبنا أن ينتقد أحد شيئا عاما يمس الجميع بشكل مباشر كالدين الإسلامي وسيطرته الشموليه على جوانب الحياة بل العيب هو التهجم على هذا الفرد بصفه شخصيه بسبب فكره ورأيه الشخصي بإستغلال هوية الإنترنت المستعاره وطبيعة التشريع الإسلامي المتحيز الذي يحرم الغير مسلم من حقوقه الأدبيه والمعنويه. أن المسلم يريد كشف هوية الغير مسلم لسبب واحد وهو الإنتقام وهذا اعتراف صريح من المسلم انه فكريا وادبيا قد خسر امام الغير مسلم لذلك هو لم يبقى له سوى تسخير ادوات الدوله الإسلاميه لتحقيق هذا اللإنتقام سواء ولهذه الادوات العديد من الصور كالأغلبيه العدديه الممثله بافراد المجتمع أو القوانين الثيوقراطيه او المؤسسات التي أضحت دينيه بسبب ثيوقراطية التشريع والقانون. ولعمري أن هذا هو الجبن والإفلاس بعينه. أكرر وأقولها مع كامل احترامي لزملائي وقرائي المسلمين ان المسلم الذي يحاول أن يحاكي الحداثه لا يستطيع الدفاع عن عقيدته ليس بسبب جهله بها بل لأن شمولية وسيطرة المنظومه الأصوليه الإسلاميه قد وصلت الى مرحله يتبرىء منها عوام المسلمين فما بالكم بالحداثيين او غير المسلمين؟. وانا لا أفتري بهذا الإدعاء والدليل على كلامي ان العموم اصبح يستنكر الجهاد كمفهوم بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر والعموم يستنكر فتاوي فقهاء الدين من المذهبين ويصر ان اهل الدين لا يفقهون بالإسلام الحقيقي والعموم يستنكر تطبيق العقوبات الشرعيه المذكوره بالقرآن. أليس هذا كله تناقض ونفاق؟ هذا التناقض والنفاق هو ما يولد الإفلاس الذي يجعل المتأسلمين واحبتهم من مدعي الليبراليه يصلون لمرحلة الغضب والثوران.
أن أصحاب المدونات والمواقع الهلاميه التي بلا لون أو طعم او رائحه يظنون أنهم يستطيعون اقناع احد بإستخدام ادبيات رجعيه متخلفه مكانها الحمامات كورق تواليت. لهؤلاء أقول هنيئا لكم بإفلاسكم الفكري وهلاميتكم التي زرعتها بعقولكم أدبيات شرق أوسطيه هزيله فكريا وادبيا ساهمت بتضييق أفقكم الفكري وجعلكم تمشون عكس اتجاه التنوير. ان هذا المقال ليس سوى رساله لكم لتبين اننا متى أردنا قادرون وبكل سهوله على تفنيد هراءكم ومنطقكم الاعوج الذين لا يقلان تخلفا ورجعيه عن نظرائهما عند احبتكم بالعقيده أصولي الإسلام. ابحثوا لكم عن حجه أقوى من المعتقد ايها المتأسلمين حليقي الذقن فالإنسانيه التي تتسترون بها لن تقدر على ان تستر عورة تطرفكم العقائدي البشعه.
يكفي العلمانيون الحقيقيون فخرا انهم مستعدين للتعايش السلمي والحوار المحترم مع اي شخص مهما كانت مرجعيته العقائديه او الفكريه لأن فكرهم يحتم عليهم ذلك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق