15/03/2009
ماهي الحريه 1
عندما شاهدت حلقة برنامج مناظره على تلفزيون الوطن البارحه التي كانت بين النائب الحدسي جمعان الحربش ورئيس تحرير جريدة السياسه أحمد الجارالله لفت انتباهي تكرار الحربش لمصطلح الحريه وتذكرت حينها سؤال أحد الأصدقاء لي عن تعريف الحريه واصراره على جواب مباشر مني بهذا الخصوص.
الحريه حالها من حال العديد من المفاهيم بالحياة ليست مفهوما محدد الملامح بل مفهوم نسبي يختلف من بيئه الى أخرى ومن ثقافه الى أخرى. حرية الحربش هي فرضه لعاداته وتقاليده وثوابته الدينيه على صورة تشريع وقانون وممارسته للأصوليه السياسيه لاغيا وقامعا كل صوره من صور المعارضه. اذن هي لا تستحق أن نطلق عليها حريه وهنا الخطأ الشائع الذي يستخدمه معارضي المنهج الليبرالي والعلماني عندما يقولون لنا بإسم الحريه لا تقمعوا الإسلاميين.
نحن لا نريد قمع الإسلاميين فكريا لكن هذا لا يعني أننا سنعطيهم المجال لممارسة قمعهم وهناك فرق شاسع بين الإثنين. الحريه قطعا ليست مفهوما مطلقا وإلا لما كانت هناك قوانين تنظم شؤون الناس وتردعهم عن التعديات التي تضر الصالح العام. وهناك فرق كبير عندما نقول: تضر الصالح العام. وعندما نقول: تضر مشاعر الأمه أو الجماعه. كما يفعل المسلمون ضد أي شيء يخالف معتقدهم أو طبيعة مجتمعاتهم.
انا من مؤيدي مبدأ حريتك تنتهي عندما تتعدى على حريات الآخرين لكن بشرط أن لا أناقض العديد من البديهيات الليبراليه كالخصوصيه ، الفرديه ، حرية الإختيار والتميز. لذلك انا دوما احاول التفريق بين ذات الأشخاص ومرجعيتهم العقائديه أو الفكريه. المسلمين يفكرون عكس هذا المنطق تماما فهم يعتبرون أي اساءه له اساءه لشخوصهم لذلك وصل فيهم الأمر أن يطالبوا بإحترام الإسلام بالأمم المتحده .
هذا النمط الفكري المشوه هو السبب الرئيسي بالنتائج الكارثيه التي يشتكي منها عوام المسلمين ومن بينهم المنفتحين او المطالبين بدولة المؤسسات المدنيه مثل الأسلمه الشموليه لكل جوانب الحياة واعطاء الجهله من مشايخ الدين مقاليد الأمور.
عزيزي المسلم دينك هو معتقدك لكنه ليست هويتك. هويتك هي بصمتك بالحياة ومسيرتك بها من انجازات أو اخفاقات ، سمعتك بين الناس ، ذريتك الصالحه ، وغيرها من المناقب التي انت تصممها وتهندسها بالمجتمع. أنت تحقد على كل من يسيء أو يتطاول على معتقدك ناسيا أو متناسيا أن معتقدك هو من خلق تلك الإساءه وتلك الكراهيه وأعطى المجال لذلك المسيحي/اليهودي/اللاديني/الملحد ... الخ. يسيء اليه.
ومن قال أن الأسلام فقط يتعرض للإساءه أو السخريه؟ كل الأديان تتعرضت وتتعرض لذات الشيء الفرق أن ما يكتب بالعربي ضد الإسلام سيكون دوما مصدره أفراد كانوا مسلمين سابقين واليوم هم غير مسلمين تماما كما يحدث مع المسيحيه أو اليهوديه.
من منظور الحريه التي هي محور هذا المقال أكرر وأقول أن حرية الرأي تشمل كل الآراء بما فيها المتعصبه أو المتطرفه وبالمناسبه مفهوم التعصب أو التطرف هو مفهوم مطاطي مرتبط بالقياس الذي يستند عليه الفرد. فالمسلم يعتبر العلماني متطرفا ان عادى الإسلام فكريا لكن بنفس الوقت العلماني والحداثي يرون أن المسلم وخصوصا الأصولي هو المتطرف لأنه يعادي قيم الحداثه العالميه والأخلاقيات الدوليه التي اساسها ميثاق حقوق الإنسان التي لا ينكر سوى المكابر تناقضها مع الشريعه الإسلاميه لدرجة التضاد. فالدين تحت راية الردع من الجريمه يبيح الوحشيه ضد الإنسان ويستبيح كرامته. وهو لا يحترم حرية الإنسان بإختيار معتقده أو تغييره ويرفض نشر الديانات الأخرى وانشاء دور عبادتها على أراضيه رغم أنه يستغل مساحة الحريه الغربيه لعمل ذلك بدول الغرب.
يطلق الإسلاميون والعديد من عوام المجتمعات العربيه على الحداثيين صفة التنويريين أو المنسلخين عن الجلده وهذا ليس مستغربا فنحن نعيش ببيئه تؤصل خصلة الهوس بالحفاظ على الهويه التراثيه للمجتمعات العربيه ومواريثها التي هي اما إسلاميه أو مرتبطه بالإسلام فهؤلاء المهوسيين قد نسوا أو تناسوا أن زمننا اليوم هو زمن المعايير القياسيه والتي لا ينكر عاقل أنها ذات أساس غربي بحت. لذلك الثقافه الغربيه وقيمها الأخلاقيه والإنسانيه هي السائده بالعالم ومن يتبعها سيلقب بالمتحضر ومن يعارضها سيلقب بالمتخلف والسبب ليس قطعا لأن الحضاره الغربيه ومعاييرها شامله أو كامله لكنها قد أثبتت انها النموذج الفكري والوجداني الأفضل. هناك مجتمعات بالعالم رغم أن لديها قيم أصيله وحضاره إلا ان تلك الحضارات والقيم لم تصل لدرجة القياس الغربي الذي أسس الأيدولوجيات والمنظومات الفكريه المعاصره.
ختاما ...
أن قضية الحريه بحاجه الى مزيد من التحليل وطرح أفكار أكثر لذلك قد قررت تقسيم هذا المقال لجزئين. نستكمل الحديث بالجزء الثاني عن قريب تحياتي للجميع واشكر لهم المتابعه.
16/03/2009
ماهي الحريه 2
وصلنا الى نتيجة أن الحريه مفهوم نسبي بالموضوع السابق اليوم سنسأل سؤلا محوريا آخر (هل الحريه غايه أم وسيله؟) من وجهة نظري أن هذا السؤال أيضا لا يحتمل جوابا واحدا مطلقا فهي ممكن أن تكون احداهما أو كلاهما بنفس الوقت.
بنظري انا كمواطن كويتي أعيش ببيئة قد اضمحلت فكريا وثقافيا بدلا من أن ترتقي تصبح الحريه هي غايتي وهدفي الفكري. لماذا أقرأ؟ لماذا أكتب؟.
هوس ثقافي؟ نرجسيه؟ تنفيس؟ ام مزايده على حب الوطن والإصلاح كما هي الصرعه التدوينيه الكويتيه؟ بالحقيقه أكتب لهدف واحد فقط وهو أن أكون راضيا عن نفسي وانا أخوض هذه الحرب الفكريه التي ورطت نفسي فيها وانا على علم مسبق أن التوفيق لن يكون من نصيبي.
اذن الحريه هي دافعي ، هدفي وبمعنى أدق غايتي التي تحركني وما الليبراليه والعلمانيه والإنسانيه وغيرها من المبادئ الفكريه سوى وسائل مشروعه لتحقيق تلك الحريه التي كما ذكرت بمقالي السابق تختلف ملامحها من منظوري انا مقارنة بمنظور الأصولي.
هذا حالنا كمدافعين عن الحريات بهذا القطر من العالم ماذا عن الشعوب التي ولدت بمنظومات حره؟ الحريه هناك ستتحول من غايه الى وسيله لتحقيق أهداف سياسيه ، اجتماعيه أو اقتصاديه بمعنى آخر هم لن يطالبوا بفتح المجالات كما نفعل نحن بل هم أصحاب مجالات لأنها قد فتحت أمام آبائهم وأجدادهم منذ قرون وهذا واقع مفروغ منه لهذا السبب هم متقدمين ومتطورين. عندما تكون المجتمعات ، البيئه والمنظومه مبنيه على أساس الحريه لا يوجد شيء سيقف بوجه العقل البشري وهذا ما تخشاه مجتمعات الدول العربيه والإسلاميه لأنها قائمه على تكبيل العقول سواء بإسم الدين او السلطه واحيانا كلاهما. لذلك سواء كانت الحريه غايه أم وسيله لا يختلف اثنان على أنها قيمه انسانيه نبيله لامجال للمساومه عليها.
نرجع لمجتمعنا الشرقي المسلم عندما يقولون لك (حريتك تنتهي عندما تتعارض مع حرية الآخرين) هم يقصدون حرفيا من الناحيه العقائديه ما يلي [يا من تخالف أي صوره من صور الإسلام سواء كانت عقيدة ، فكرا أو حدودا قد رسمت من قبل الموروث الإجتماعي (الديني) اعلم أنك دخيل واعلم أن ما تمارسه سواء كان فكرا او سلوكا أو رأيا مهما بلغت درجة خصوصيته او عموميته هو تعدي وليس حريه].
لهذه العقول القمعيه أقول لا تستطيعون أن تلغون الحريه بإسم الحريه ولا نستطيعون إلغاء كل الآراء والافكار المعارضه مهما استغليتم الوسائل الغير مشروعه كأدلجة التعليم أو غسيل المخ أو ثيوقراطية المؤسسات والدوله كما يحدث بالكويت وغيرها من الدول الإسلاميه.
تأبى بعض العقول أن ترضخ لذلك كما يوجد حماة حريه بالكويت سيوجد غيرهم حتى بأشد المجتمعات المتطرفه دينيا كـ السعوديه و ايران فالعقل البشري أعقد بكثير أن تفرض عليه الوصايه لأنه يتأثر بالمعطيات الإعلاميه والثقافيه وعلى أساسها يحدد مساره الفكري.
على سبيل المثال وليس الحصر الصراع العربي الإسرائيلي يستحق أن يدخل المنظومات العربيه موسوعة جينس بمجال غسيل المخ فلا يوجد عقل عربي واحد قادر على التفاعل مع هذه القضيه بشكل موضوعي او محايد خصوصا أجيال الستينات والسبعينات التي انطبعت بعقولهم عبارة (الكيان الصهيوني المجرم).
أكرر وأقول أنا شخصيا لا علاقة لي لا من قريب ولا من بعيد بصراع العرب واسرائيل وليس لي موقف فيه لأني لست مختصا ولا مهتما لكني ارفض الإستخفاف بالعقول وتهييجها بصور ضحايا الحروب من اطفال وغيرهم كما يفعل الإعلام العربي القذر الخالي من القيم والمبادئ الإعلاميه الدوليه. كما هناك أطفال قد قتلوا بغزه هناك أطفال قد بكل مكان بالعالم حدثت فيه حرب انا لست مسؤولا ولست مطالبا بالتباكي والتأثر وأرفض ان يحول البعض سواء كانوا أصدقاءا أو سفهاءا موقفي وموقف غيري السياسي هذا الى اتهام هزيل بالتناقض المبدأي. ما أشبه الامس باليوم تذكرت ماذا فعل نصر حامد بو زيد عندما تطاول على الليبراليين تحت راية تأييد حزب الله وبذلك قد سقط قناعه الليبرالي الزائف وكشف وجه الحقيقي القومي القبيح رغم ذلك كانت هناك عقول حره له بالمرصاد.
المواقف السياسيه لا علاقة لها بفكر الإنسان الأيدولوجي واتحدى أي كويتي يصفني وغيري بالتناقض وأسأله هل رفضت أو عارضت حرب العراق وحصاره رغم أنهما من الناحيه الموضوعيه والإنسانيه كلاهما غير مشروع؟ رغم عدم المشروعيه الواضحه لتلك القضايا السياسيه كنا ولازلنا ككويتيين مؤيديين لها ليس لأننا متناقضين أو ناقصي انسانيه بل لأن تجربتنا مع نظام العراق البائد قد كونت لدينا قناعه سياسيه غير قابله للمساومه.
لدينا اولويات واهداف واضحه هنا بهذه اللحظه بهذا القطر من العالم موضوع دوله (س) احتلت دوله (ص) ومارست ضدها انتهاكات ضد حقوق الإنسان هي مسؤولية الأمم المتحده وليست مسؤليتنا ومن السخف والجهل خلط الفكر الليبرالي بآراء الناس السياسيه. فالآراء السياسيه لها تصنيفات معقده هناك من يؤمن بالواقعيه كالذين يدعون للسلام مع اسرائيل بدلا من المواجهه ليس حبا بإسرائيل بل تجنبا لقوتها العسكريه وهناك دول وشعوب ترى القضيه من منظور انعزالي لأنها ليست متورطه فيه هل هؤلاء أيضا مدعي ليبراليه لأنهم لم يفزعوا لأطفال الحمساويه؟ شططنا عن موضوعنا الأصلي لكن نرجع ونقول أن هذه القضيه حالها من حال العديد من القضايا الأخرى بشتى المجالات قد استخفت بالعقل ، ألغته وأفقدته الموضوعيه والحياد المطلوبين لتحقيق العداله وتبيان الحقيقه.
السؤال يطرح نفسه لماذا موضوع الحريه مرتبط بالإسلام هل هناك عداوه بين الإثنين تجعلني وتجعل غيري يورطه بهذه القضيه؟.
بما أن مبادئي التي أؤمن بها تكفل حرية اعتناق أي معتقد وممارسة طقوسه اذن شخصيا أنا أحترم حرية المعتقد لكني قطعا لن احترم سيطرة وطغيان المعتقد على جوانب حياتي تحت راية احترام المشاعر والتعايش سواء كانوا أهل هذا المعتقد أغلبيه أو أقليه ومن السفاهه والجبن الخنوع للخطأ المنهجي الجماعي كما هو الحال بمجتمعاتنا.
نرجع ونسأل ما هي الحريه؟ بالحقيقه عني شخصيا لا أستطيع الجواب على هذا السؤال لأني مقيد بسبب الدين الإسلامي وهذا ليس افتراءا على الدين بل واقعا سأثبته بالقادم من الفقرات.
الإسلام قد ألغى من المجتمع العديد من الحريات فلا توجد حريه عقائديه ان ولدنا مسلمين غير قادرين على ترك هذا الدين بشكل رسمي دون التعرض لمشاكل اجتماعيه بل حتى المذهب لا توجد حريه بتغييره دون التعرض لذات المشاكل. نأتي الى ناحية الفن والثقافه حقيقه لا أدري ماهي مشكلة الإسلام مع الإبداع الإنساني لكن من الواضح ان تحريم الموسيقى وتحريم الرسم والتمثيل هدفه المحافظه على وجود الإسلام وعدم اندثاره عقائديا. كذلك لماذا الإسلام يركز دوما على المرأه وحول دورها بالمجتمع من فرد الى غنيمه أو جائزه محرمه كأنها ماده وليست انسان؟. لماذا يحشر دين يفترض به الروحانيه بموضوع فطري موجود من الأزل كعلاقة الرجل بالمرأه وما يحدث فيها لدرجة أنه جعل ثالثهما (الشيطان)؟ بكل مكان بالعالم حتى مكه (بكه) حدثت هذه الأمور وستحدث فلماذا نتدخل بشأن فطري تحت راية حماية الفضيله؟ وبأس فضيله قد خلقت اجيالا ومجتمعات مهووسه جنسيا. بالذمه هل يوجد مكان بالأرض وصل فيه الناس درجة الهوس جعلتهم يطلقون على شارع بإسم (شارع الحب) كما حدث بالكويت؟ هل نهرب من قيود الإسلام الإجتماعيه عن طريق ممارسة الخطأ كالتحرش بالاماكن والمرافق الخطأ كالشوارع هل هذه اليوتوبيا التي أوصلنا الإسلام ايها؟.
ختاما ...
عندما أرى بمجتمعي أناسا تستطيع تغيير دينها أو مذهبها بلا مشاكل سأقول هناك حريه. عندما أرى الثقافه بجميع صورها قد ازدهرت بعيدا عن نعيق غربان الإسلام الصحراوي سأقول هناك حريه. عندما أرى بمجتمعي الرجل والمرأه وقد جمعتهم بالحياة جوانب فكريه وانسانيه بدلا من تلك السطحيه والحيوانيه سأقول أن هناك حريه.
هذه نظرتي أو تعريفي للحريه صديقي العزيز أتمنى أن اكون قد كفيت و وفيت.
هامش:
مقال يستحق القراءه.
مع زحمة وسخونة احداث السياسه المحليه تخرج لنا أصوات العقلانيه الحره لتعلن أنها كانت ولازالت تحترم حرية الإنسان. بو راكان كنت ولازلت بنظري عميد الليبراليه الكويتيه. لا املك سوى الإتفاق مع كلامك 100%. شخصيا انا امقت مجلس الأمه والنواب الذين يمثلون قبليه ، طائفيه ، أصولية وبرجوازية الشعب لا آماله ولا احلامه. لكن بنفس الوقت تصعب عليّ المطالبه الصريحه بالحل الغير دستوري ليس عشقا للبرلمان لكن لإنعدام وجود بديل ديموقراطي في هذا النظام السياسي. لكن هذا لا يمنعني أن اضم صوتي الى صوت أبا راكان واطالب بتشريعات صارمه تحمي الجوانب الإنسانيه من الدستور الكويتي التي داس عليها الشعب الجاهل ونوابه الإنتهازيين وان استدعى ذلك تأجيل المسيره الديمقراطيه لفتره قصيره من الزمن. بعد ذلك ليقيموا انتخاباتهم ويجعجعوا ويزايدوا كما يحلو لهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق