الاثنين، 22 أغسطس 2011

دراسة إسرائيليّة: السعوديّة تعمل بكل قوتّها الاقتصاديّة والسياسيّة لكبح جماح إيران وتشكيل حلف سنيّ موال للغرب ودفع أوباما لفرض عقوبات على سوريّة لإسقاط البعث


دراسة إسرائيليّة: السعوديّة تعمل بكل قوتّها الاقتصاديّة والسياسيّة لكبح جماح إيران وتشكيل حلف سنيّ موال للغرب ودفع أوباما لفرض عقوبات على سوريّة لإسقاط البعث
15/08/2011
زهير أندراوس - الناصرة (القدس العربي) - 14/08/2011:
رأت دراسة إسرائيليّة أنّه خلافًا للموقف العربي والدوليّ ضدّ القذافي،ترددت الدول العربيّة حتى في تحديد موقفها من الأحداث في سوريّة،وبعد خمسة أشهر وأكثر من ألفي قتيل،بدأت تُسمع الأصوات المختلفة حول الموقف من الرئيس السوريّ،بشّار الأسد،كان أبرزها إعلان دول مجلس التعاون الخليجي الذي طالب نظام البعث بالتوقف عن القتل،أمّا الأبرز،بحسب مُعد الدراسة،يوئيل غوجانسكي،من معهد دراسات الأمن القوميّ في تل أبيب،فكان الموقف السعوديّ،غير المتوقع وغير المسبوق،الذي جاء في تصريح العاهل السعوديّ عبد الله الثاني،والذي جاء فيه أنّ أعمال القتل في سوريّة غير مقبولة على النظام في الرياض.
وطالب الأسد بالتوقف فورا عن هذه الأعمال،وبرأي الباحث الإسرائيليّ فإنّ هذا الموقف هو دليل إضافي على ارتفاع قوة السعوديّة،التي تدّخلت في البحرين،ضدّ الجبهة الراديكاليّة بقيادة إيران،لفهمها أنّ الأمور في سوريّة وصلت إلى المنزلق الخطير،الذي بات تهديدا قويا على نظام عائلة الأسد،وزاد أنّ هذا الموقف،يؤكد لكل من في رأسه عينان على أنّ السعوديّة تحاول الآن رسم خريطة التحالفات الجديدة في الشرق الأوسط بما يتماشى مع مصالحها.
وتابع أنّ الملك عبد الله،الذي ابتعد عن الأحداث،بات الآن يريد بسقوط الأسد،لأّن الأمر سيؤدي إلى فقدان إيران الحليف الأقوى في المنطقة،وبالتالي فإنّ هيمنه الجمهورية الإسلامية في طهران ستضعف كثيرا،الأمر الذي يفتح الباب على مصراعيه أمام السعوديّة لقيادة حلف سنيّ،مؤيد للغرب،شريطة أن يتمكن السنّة في سوريّة من السيطرة على زمام الأمور في دمشق،ذلك أنّ المملكة فشلت حتى الآن في تشكيل حلف سنيّ معاد لـ إيران،واليوم على وقع ازدياد الاحتجاجات في سوريّة حصلت السعوديّة على فرصة ذهبية لتحقيق خطتها،على حد تعبير الباحث.
واستطرد الباحث قائلاً انّه على الرغم من أنّ السعوديّة محاطة بدول عربيّة تتهددها الصراعات الداخليّة،فإنّها حتى الآن فضّلت القضاء على كل ما يُشكّل خطرا على أمنها القوميّ بوسائل غير عسكريّة جليّة وتهربت من القيادة والمبادرة،ولجأت للدبلوماسيّة والأموال لتنفيذ سياستها الداخليّة والخارجيّة،وحكامّها فهموا أنّ الربيع العربيّ سيصل إليها عاجلاً أم أجلاً لأنّ السكان غير الأصليين فيها بتوا يحصلون على الجنسية،ومن الناحية الأخرى فإنّ التوتر المذهبي داخلها تأجج في الفترة الأخيرة،من هنا،أوضح الباحث،أنّ رؤية المملكة للأمور تغيّرت،حيث توصلت إلى نتيجة مفادها أنّ الوسائل التقليديّة التي استعملتها حتى الآن لم تعد كافية لتهدئة أمنها القوميّ ومصالحها الإستراتيجيّة،وبالتالي باتت على قناعة بأنّ تحقيق هذين الهدفين يُحتّم عليها التمسك بقيادة العالم العربيّ،وفي هذا السياق فإنّ السعوديّة خرجت عن طورها في محاولة لعدم تقرب النظام الجديد في مصر من إيران،ذلك أنّ صنّاع القرار في الرياض يعتقدون بأنّ النظام الجديد يميل إلى طهران لإرضاء الرأي العام المحليّ،ولكي يمنعوا هذه الخطوة قام حكّام السعوديّة بتحويل مبلغ 4 مليارات دولار للاقتصاد المصريّ،كما أنّهم رفعوا الحظر الذي فرضوه على مبادرات اقتصاديّة مشتركة مع مصر،بما في ذلك تشييد الجسر بين الدولتين،والذي يمر عبر مضيق تيران،بالإضافة إلى ذلك تعمل السعودية على ضمّ كلٍ من الأردن والمغرب إلى دول مجلس التعاون الخليجيّ لمنعهما من إدخال إصلاحات،كما فعل الملك المغربيّ،الذي قرر تحويل المملكة إلى مملكة دستوريّة،والرياض.
وأضاف الباحث،حوّلت للأردن مبلغ مليار ونصف المليار دولار،وهي التي ستقود المفاوضات معها للانضمام إلى النادي المرموق،دول مجلس التعاون الخليجيّ.
مع ذلك،قالت الدراسة،إنّه حتى اليوم ما زال أمر الدعم السعوديّ لحملة الاحتجاجات السوريّة في طيّ الكتمان،ولكن بالمقابل فإنّ السعوديّة لم تُخف دعمها للمعارضة السوريّة،ولكن موقفها الأخير بالنسبة لدمشق يمنح حملة الاحتجاجات شرعيّة عربيّة وإسلاميّة،والتي لم تكن قائمة من ذي قبل،ولكن برأي الباحث غوجانسكي فإنّه على الرغم من المساهمة الإيجابيّة لـ السعودية في بناء الحلف المعادي لـ إيران،فإنّ خطوات الملك عبد الله قد تضع له القيود الداخليّة والخارجيّة،ذلك أنّه من الصعب عليه،إنْ لم يكن مستحيلاً إعادة العلاقات مع سوريّة في حال بقاء الأسد في الحكم،وسؤال أخر هل الملك أراد من وراء التصريح غير المسبوق ضدّ سورية إبعاد الانتقادات الموجهة له،كما أنّه كيف سيتصرف في ما إذا توجهت إليه المعارضة السوريّة وطلبت منه تطبيق التصريح الذي أطلقه على أرض الواقع،كما أنّ الخطر الأكبر الذي سيوجهه،في حال سقوط الأسد،سيكون بمثابة حجــر شطرنـج يصـل إلى الممـلكة،حيث ستقـوم الـقوى المعـارضة للنظام بحملة احتجـاجات لإسقاط آل سعود من الحكم،علـى حد تعبير الدراسة الإسرائيليّة.
مضافًا إلى ذلك،بحسب الباحث الصهيونيّ،فإنّ سحب السفراء من سورية،البحرين والكويت واستدعاء سفير الرياض للمشاورات،من شأنه،أنْ يمنح دفعة قويّة للإدارة الأمريكيّة،التي ما زالت مترددة بعض الشيء في اتخاذ الخطوات العمليّة لوقف نزيف الدم في سوريّة،على حد تعبيره،ومنح الرئيس الأمريكيّ،باراك أوباما،دفعة إلى الأمام لفرض عقوبات قويّة على سوريّة.
أمّا السبب الذي أغضب الملك السعوديّ إلى هذا الحد،تقول الدراسة أنّه نابع من سببين: الأول،مواصلة قتل السنّة في شهر رمضان الكريم،ورفض الأسد التوصل إلى صفقة سريّة مع السعودية لإنهاء الأزمة.
من الممكن،واصلت الدراسة،أنّ الموقف السعوديّ الجديد يُمكن تفسيره بالاعتراف بالفشل السعودي في كل من لبنان وسوريّة،ولكن قد يكون أيضًا نتاج تزايد الاحتجاجات في سوريّة،كما أنّ العاهل السعوديّ امتنع حتى الآن من الإعلان عن موقفه لكي يتأكد من أنّ الكفة تميل لصالح المحتجين،كما أنّه خشي من رد الفعل الإيرانيّ،بالإضافة إلى عدم وضوح الموقف الأمريكيّ،كما لفتت الدراسة إلى أنّ عبد الله الثاني يريد إبعاد نفسه عن الأسد،الذي ينتمي إلى الطائفة العلوية،القريبة إلى الشيعة أكثر من السنة،لأن هذا النظام بات قاب قوسين أو أدنى من الزوال،وعلى السعودية استباق الأمور قبل حدوث السقوط.
وخلصُت الدراسة إلى القول إنّ إعلان الملك كان دراماتيكيا،ذلك أنّه قد يؤدي إلى تحوّل كبير في قوة السعوديّة في العالمين العربي والإسلامي،ورأت أيضا أن مسألة حقوق الإنسان لا تهم الملك،إنّما يعمل من أجل كبح جماح الهيمنة الإيرانيّة وتشكيل الحلف السني،وبالتالي فإنّ إسقاط الأسد سيكون الأفضل من ناحية العاهل السعودي،على أيّة حال،قال الباحث غوجانسكي،إنّ السعوديّة اليوم على استعداد لتسخير جميع أموالها وقوتها السياسيّة،وهم بالمناسبة كثر،في محاولة لمنع إيران من تحقيق طموحاتها بالسيطرة على الشرق الأوسط،على حد تعبيره.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق